سورة الأحزاب
وهي مدنية
قال عبد الله ابن الإمام أحمد : حدثنا خلف بن هشام ، حدثنا حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن زر قال : قال لي أبي بن كعب : كأين تقرأ سورة الأحزاب أو كأين تعدها؟ قال : قلت ثلاثا وسبعين آية ، فقال : قط لقد رأيتها وإنها لتعادل سورة البقرة ، ولقد قرأنا فيها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ، نكالا من الله ، والله عليم حكيم (١) ، ورواه النسائي من وجه آخر عن عاصم وهو ابن أبي النجود ، وهو ابن بهدلة به ، وهذا إسناد حسن ، وهو يقتضي أنه قد كان فيها قرآن ثم نسخ لفظه وحكمه أيضا ، والله أعلم.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (١) وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (٢) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) (٣)
هذا تنبيه بالأعلى على الأدنى ، فإنه تعالى إذا كان يأمر عبده ورسوله بهذا ، فلأن يأتمر من دونه بذلك بطريق الأولى والأخرى. وقد قال طلق بن حبيب : التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ، ترجو ثواب الله ، وأن تترك معصية الله على نور من الله مخافة عذاب الله وقوله : (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ) أي لا تسمع منهم ولا تستشرهم (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) أي فهو أحق أن تتبع أوامره وتطيعه ، فإنه عليم بعواقب الأمور ، حكيم في أقواله وأفعاله ، ولهذا قال تعالى : (وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) أي من قرآن وسنة (إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) أي فلا تخفى عليه خافية ، وتوكل على الله ، أي في جميع أمورك وأحوالك (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) أي وكفى به وكيلا لمن توكل عليه وأناب إليه.
(ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللاَّئِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤) ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٥)
يقول تعالى موطئا قبل المقصود المعنوي أمرا معروفا حسيا ، وهو أنه كما لا يكون
__________________
(١) المسند ٥ / ١٣٢.