مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) خبر عن هؤلاء المذكورين كلهم أي أن الله تعالى قد أعد لهم أي هيأ لهم مغفرة منه لذنوبهم وأجرا عظيما وهو الجنة.
(وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (٣٦)
قال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ) الآية ، وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم انطلق ليخطب على فتاه زيد بن حارثة رضي الله عنه ، فدخل على زينب بنت جحش الأسدية رضي الله عنها فخطبها ، فقالت : لست بناكحته ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «بلى فانكحيه» قالت : يا رسول الله أؤامر في نفسي؟ فبينما هما يتحدثان أنزل الله هذه الآية على رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً) الآية ، قالت : قد رضيته لي يا رسول الله منكحا؟ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «نعم» قالت : إذا لا أعصي رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد أنكحته نفسي (١).
وقال ابن لهيعة عن ابن أبي عمرة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خطب رسول الله صلىاللهعليهوسلم زينب بنت جحش لزيد بن حارثة رضي الله عنه فاستنكفت منه وقالت : أنا خير منه حسبا ، وكانت امرأة فيها حدة ، فأنزل الله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ) الآية كلها (٢) ، وهكذا قال مجاهد وقتادة ومقاتل بن حيان أنها نزلت في زينب بنت جحش رضي الله عنها حين خطبها رسول الله صلىاللهعليهوسلم على مولاه زيد بن حارثة رضي الله عنه ، فامتنعت ثم أجابت. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها وكانت أول من هاجر من النساء ، يعني بعد صلح الحديبية ، فوهبت نفسها للنبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال : قد قبلت ، فزوجها زيد بن حارثة رضي الله عنه ـ بعد فراقه زينب ، فسخطت هي وأخوها وقالا : إنما أردنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فزوجنا عبده ، قال : فنزل القرآن (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً) إلى آخر الآية ، قال : وجاء أمر أجمع من هذا (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) قال : فذاك خاص وهذا إجماع (٣).
وقال الإمام أحمد (٤) : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن ثابت البناني عن أنس رضي الله عنه ، قال : خطب النبي صلىاللهعليهوسلم على جليبيب امرأة من الأنصار إلى أبيها ، فقال : حتى أستأمر أمها ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم «فنعم إذا» قال : فانطلق الرجل إلى امرأته فذكر ذلك لها ، قالت : لاها الله ذا ما
__________________
(١) انظر تفسير الطبري ١٠ / ٣٠١.
(٢) تفسير الطبري ١٠ / ٣٠١.
(٣) تفسير الطبري ١٠ / ٣٠١ ، ٣٠٢.
(٤) المسند ٣ / ١٣٦.