هكذا أورده الإمام أحمد بطوله ، وأخرج منه مسلم والنسائي في الفضائل قصة قتله. وذكر الحافظ أبو عمر بن عبد البر في الاستيعاب أن الجارية لما قالت في خدرها : أتردون على رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمره؟ نزلت هذه الآية (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ).
وقال ابن جريج : أخبرني عامر بن مصعب عن طاوس قال : إنه سأل ابن عباس عن ركعتين بعد العصر فنهاه ، وقرأ ابن عباس رضي الله عنه (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) فهذه الآية عامة في جميع الأمور ، وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء فليس لأحد مخالفته ، ولا اختيار لأحد هنا ، ولا رأي ولا قول ، كما قال تبارك وتعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [النساء : ٦٥] وفي الحديث «والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به» ولهذا شدد في خلاف ذلك ، فقال (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) كقوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) [النور : ٦٣].
(وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) (٣٧)
يقول تعالى مخبرا عن نبيه صلىاللهعليهوسلم أنه قال لمولاه زيد بن حارثة رضي الله عنه وهو الذي أنعم الله عليه أي بالإسلام ومتابعة الرسول صلىاللهعليهوسلم (وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) أي بالعتق من الرق ، وكان سيدا كبير الشأن جليل القدر حبيبا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم يقال له الحب ، ويقال لابنه أسامة الحب ابن الحب ، قالت عائشة رضي الله عنها : ما بعثه رسول الله صلىاللهعليهوسلم في سرية إلا أمره عليهم ، ولو عاش بعده لاستخلفه ، رواه الإمام أحمد (١) عن سعيد بن محمد الوراق ومحمد بن عبيد عن وائل بن داود عن عبد الله البهي عنها.
وقال البزار : حدثنا خالد بن يوسف ، حدثنا أبو عوانة ، ح وحدثنا محمد بن معمر ، حدثنا أبو داود حدثنا أبو عوانة ، أخبرني عمر بن أبي سلمة عن أبيه قال : حدثني أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : كنت في المسجد فأتاني العباس وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما : فقالا : يا أسامة استأذن لنا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : فأتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبرته فقلت : علي والعباس يستأذنان ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «أتدري ما حاجتهما؟» قلت : لا يا رسول الله ، قالصلىاللهعليهوسلم :
__________________
(١) المسند ٦ / ٢٢٧ ، ٢٥٤ ، ٢٨١.