(وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) [البقرة: ٢٣٧] وقال عزوجل (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) [البقرة : ٢٣٦].
وفي صحيح البخاري (١) عن سهل بن سعد وأبي أسيد رضي الله عنهما قالا : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم تزوج أميمة بنت شراحيل ، فلما أن دخلت عليه صلىاللهعليهوسلم بسط يده إليها فكأنها كرهت ذلك فأمر أبا أسيد أن يجهزها ويكسوها ثوبين رازقين ، قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما : إن كان سمى لها صداقا فليس لها إلا النصف ، وإن لم يكن سمى لها صداقا أمتعها على قدر عسره ويسره ، وهو السراح الجميل.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللاَّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٥٠)
يقول تعالى مخاطبا نبيه صلىاللهعليهوسلم بأنه قد أحل له من النساء أزواجه اللاتي أعطاهن مهورهن وهي الأجور هاهنا ، كما قاله مجاهد وغير واحد. وقد كان مهره لنسائه اثنتي عشرة أوقية ونشا وهو نصف أوقية ، فالجميع خمسمائة درهم إلا أم حبيبة بنت أبي سفيان ، فإنه أمهرها عنه النجاشي رحمهالله تعالى أربعمائة دينار وإلا صفية بنت حيي فإنه اصطفاها من سبي خيبر ، ثم أعتقها وجعل عتقها صداقها ، كذلك جويرية بنت الحارث المصطلقية أدى عنها كتابتها إلى ثابت بن قيس بن شماس وتزوجها ـ رضي الله عنهن أجمعين ـ.
وقوله تعالى : (وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ) أي وأباح لك التسري مما أخذت من المغانم ، وقد ملك صفية وجويرية فأعتقهما وتزوجهما ، وملك ريحانة بنت شمعون النضرية ومارية القبطية أم ابنه إبراهيم عليهماالسلام ، وكانتا من السراري رضي الله عنهما.
وقوله تعالى : (وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ) الآية ، هذا عدل وسط بين الإفراط والتفريط ، فإن النصارى لا يتزوجون المرأة إلا إذا كان الرجل بينه وبينها سبعة أجداد فصاعدا ، واليهود يتزوج أحدهم بنت أخيه وبنت أخته ، فجاءت هذه الشريعة الكاملة الطاهرة بهدم إفراط النصارى ، فأباح بنت العم والعمة ، وبنت الخال والخالة ، وتحريم ما فرطت فيه اليهود من إباحة بنت الأخ والأخت وهذا شنيع فظيع ، وإنما قال : (وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ) فوحد لفظ الذكر لشرفه وجمع الإناث لنقصهن
__________________
(١) كتاب الطلاق باب ٣.