لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً (٥٣) إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (٥٤)
هذه آية الحجاب وفيها أحكام وآداب شرعية ، وهي مما وافق تنزيلها قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، كما ثبت ذلك في الصحيحين عنه أنه قال : وافقت ربي عزوجل في ثلاث ، قلت : يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى ، فأنزل الله تعالى : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) وقلت : يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو حجبتهن ، فأنزل الله آية الحجاب ، وقلت لأزواج النبي صلىاللهعليهوسلم لما تمالأن عليه في الغيرة (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَ) [التحريم : ٥] فنزلت كذلك (١) ، وفي رواية لمسلم (٢) ذكر أسارى بدر وهي قضية رابعة.
وقد قال البخاري (٣) : حدثنا مسدد عن يحيى عن حميد عن أنس بن مالك قال : قال عمر بن الخطاب : يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر ، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب ، فأنزل الله آية الحجاب ، وكان وقت نزولها في صبيحة عرس رسول الله صلىاللهعليهوسلم بزينب بنت جحش الأسدية التي تولى الله تعالى تزويجها بنفسه ، وكان ذلك في ذي القعدة من السنة الخامسة في قول قتادة والواقدي وغيرهما ، وزعم أبو عبيدة معمر بن المثنى وخليفة بن خياط أن ذلك كان في سنة ثلاث ، فالله أعلم.
قال البخاري (٤) : حدثنا محمد بن عبد الله الرقاشي ، حدثنا معتمر بن سليمان ، سمعت أبي ، حدثنا أبو مجلز عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال لما تزوج رسول الله صلىاللهعليهوسلم زينب بنت جحش ، دعا القوم فطعموا ، ثم جلسوا يتحدثون ، فإذا هو يتهيأ للقيام فلم يقوموا ، فلما رأى ذلك قام ، فلما قام ، قام من قام وقعد ثلاثة نفر ، فجاء النبي صلىاللهعليهوسلم ليدخل ، فإذا القوم جلوس ، ثم إنهم قاموا فانطلقوا ، فجئت فأخبرت النبي صلىاللهعليهوسلم أنهم قد انطلقوا فجاء حتى دخل ، فذهبت أدخل فألقى الحجاب بيني وبينه فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا) [الأحزاب : ٥٣] الآية ، وقد رواه أيضا في موضع آخر ، ومسلم والنسائي من طرق عن معتمر بن سليمان به.
ثم رواه البخاري منفردا به من حديث أيوب عن أبي قلابة ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه
__________________
(١) أخرجه البخاري في الصلاة باب ٣٢ ، وتفسير سورة ٢ ، باب ٩ ، ومسلم في فضائل الصحابة حديث ٢٤.
(٢) كتاب فضائل الصحابة حديث ٢٤.
(٣) كتاب التفسير ، تفسير سورة ٣٣ ، باب ٨.
(٤) كتاب التفسير ، تفسير سورة ٣٣ ، باب ٨.