رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول وهو خارج من المسجد ، وقد اختلط الرجال مع النساء في الطريق ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم للنساء «استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق ، عليكن بحافات الطريق» فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به.
وقوله تعالى : (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي افعلوا ما أمركم به من هذه الصفات الجميلة والأخلاق الجليلة واتركوا ما كان عليه أهل الجاهلية من الأخلاق والصفات الرذيلة ، فإن الفلاح كل الفلاح في فعل ما أمر الله به ورسوله وترك ما نهيا عنه ، والله تعالى هو المستعان.
(وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٣٢) وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٣) وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) (٣٤)
اشتملت هذه الآيات الكريمات المبينة على جمل من الأحكام المحكمة والأوامر المبرمة ، فقوله تعالى : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) إلى آخره ، هذا أمر بالتزويج. وقد ذهب طائفة من العلماء إلى وجوبه على كل من قدر عليه. واحتجوا بظاهر قوله عليهالسلام «يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (١) ، أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن مسعود.
وقد جاء في السنن من غير وجه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «تزوجوا توالدوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة» (٢). وفي رواية : «حتى بالسقط» ، الأيامى جمع أيم ، ويقال ذلك للمرأة التي لا زوج لها وللرجل الذي لا زوجة له ، سواء كان قد تزوج ثم فارق أو لم يتزوج واحد منهما ، حكاه الجوهري عن أهل اللغة ، يقال رجل أيم وامرأة أيم.
وقوله تعالى : (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) الآية ، قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : رغبهم الله في التزويج وأمر به الأحرار والعبيد ووعدهم عليه الغنى ، فقال (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمود بن خالد الأزرق ، حدثنا عمر بن عبد الواحد عن سعيد ـ يعني ابن عبد العزيز ـ قال : بلغني أن أبا بكر الصديق
__________________
(١) أخرجه البخاري في الصوم باب ١٠ ، ومسلم في النكاح حديث ١.
(٢) أخرجه أبو داود في النكاح باب ٣.