عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في نشورهم ، وكأني بأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن» رواه ابن أبي حاتم من حديثه.
وقال الطبراني : حدثنا جعفر بن محمد الفريابي ، حدثنا موسى بن يحيى المروزي ، حدثنا سليمان بن عبد الله بن وهب الكوفي عن عبد العزيز بن حكيم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في الموت ولا في القبور ولا في النشور ، وكأني أنظر إليهم عند الصيحة ينفضون رؤوسهم من التراب يقولون (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ).
قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره : غفر لهم الكثير من السيئات ، وشكر لهم اليسير من الحسنات (الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ) يقولون الذي أعطانا هذه المنزلة وهذا المقام من فضله ومنّه ورحمته ، لم تكن أعمالنا تساوي ذلك ، كما ثبت في الصحيح أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم قال «لن يدخل أحدا منكم عمله الجنة» قالوا : ولا أنت يا رسول الله؟ قال «ولا أنا إلا أن يتغمدني الله تعالى برحمة منه وفضل» (١).
(لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ) أي لا يمسنا فيها عناء ولا إعياء. والنصب واللغوب كل منهما يستعمل في التعب ، وكأن المراد بنفي هذا وهذا عنهم ، أنهم لا تعب على أبدانهم ولا أرواحهم ، والله أعلم ، فمن ذلك أنهم كانوا يدئبون أنفسهم في العبادة في الدنيا ، فسقط عنهم التكليف بدخولها ، وصاروا في راحة دائمة مستمرة قال الله تبارك وتعالى : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ) [الحاقة : ٢٤].
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (٣٦) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) (٣٧)
لما ذكر تبارك وتعالى حال السعداء ، شرع في بيان مآل الأشقياء ، فقال : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا) كما قال تعالى : (لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى)[طه : ٧٤] وثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «أما أهل النار الذين هم أهلها ، فلا يموتون فيها ولا يحيون» (٢) وقال عزوجل : (وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ) [الزخرف : ٧٧] فهم في حالهم ذلك يرون موتهم راحة لهم ، ولكن لا سبيل إلى ذلك ، قال الله تعالى : (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها) كما قالعزوجل : (إِنَّ
__________________
(١) أخرجه البخاري في الرقاق باب ١٨ ، ومسلم في المنافقين حديث ٧١ ـ ٧٣.
(٢) أخرجه مسلم في الإيمان حديث ٣٠٦ ، وابن ماجة في الزهد باب ٣٧.