فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً) (٤٥)
يقول تعالى : قل يا محمد لهؤلاء المكذبين بما جئتهم به من الرسالة : سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين كذبوا الرسل ، كيف دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها ، فخلت منهم منازلهم ، وسلبوا ما كانوا فيه من نعيم بعد كمال القوة وكثرة العدد والعدد ، وكثرة الأموال والأولاد ، فما أغنى ذلك شيئا ، ولا دفع عنهم من عذاب الله من شيء ، لما جاء أمر ربك لأنه تعالى لا يعجزه شيء إذا أراد كونه في السموات والأرض (إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً) أي عليم بجميع الكائنات قدير على مجموعها ، ثم قال تعالى : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ) أي لو آخذهم بجميع ذنوبهم لأهلك جميع أهل الأرض وما يملكونه من دواب وأرزاق.
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال : كاد الجعل أن يعذب في جحره بذنب ابن آدم ، ثم قرأ (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ). وقال سعيد بن جبير والسدي في قوله تعالى : (ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ) أي لما سقاهم المطر فماتت جميع الدواب ، (وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) أي ولكن ينظرهم إلى يوم القيامة فيحاسبهم يومئذ ، ويوفي كل عامل بعمله ، فيجازي بالثواب أهل الطاعة وبالعقاب أهل المعصية ، ولهذا قال تبارك وتعالى : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً). آخر تفسير سورة فاطر ولله الحمد والمنة.