إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد الحضرمي عمن حدثه ، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله يقول : «إن أول عظم من الإنسان يتكلم يوم يختم على الأفواه فخذه من الرجل الشمال».
وقال ابن جرير (١) : حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، حدثنا يونس بن عبيد عن حميد بن هلال قال : قال أبو بردة : قال أبو موسى هو الأشعري رضي الله عنه : يدعى المؤمن للحساب يوم القيامة ، فيعرض عليه ربه عمله فيما بينه وبينه ، فيعترف فيقول : نعم أي رب عملت عملت عملت ، قال : فيغفر الله تعالى له ذنوبه ويستره منها ، قال : فما على الأرض خليقة ترى من تلك الذنوب شيئا وتبدو حسناته ، فود أن الناس كلهم يرونها ، ويدعى الكافر والمنافق للحساب ، فيعرض عليه ربه عمله فيجحد ويقول : أي رب وعزتك لقد كتب علي هذا الملك ما لم أعمل ، فيقول له الملك : أما علمت كذا يوم كذا في مكان كذا؟ فيقول : لا وعزتك أي رب ما عملته ، فإذا فعل ذلك ختم الله على فيه ، قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : فإني أحسب أول ما ينطق منه الفخذ اليمنى ، ثم تلا (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ).
وقوله تبارك وتعالى : (وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسيرها : يقول ولو نشاء لأضللناهم عن الهدى ، فكيف يهتدون؟ وقال مرة : أعميناهم : وقال الحسن البصري : لو شاء الله لطمس على أعينهم فجعلهم عميا يترددون. وقال السدي : يقول ولو نشاء أعمينا أبصارهم. وقال مجاهد وأبو صالح وقتادة والسدي : فاستبقوا الصراط ، يعني الطريق. وقال ابن زيد : يعني بالصراط هاهنا الحق ، فأنى يبصرون وقد طمسنا على أعينهم. وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما : (فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) لا يبصرون الحق (٢).
وقوله عزوجل : (وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ) قال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما : أهلكناهم. وقال السدي : يعني لغيرنا خلقهم. وقال أبو صالح : لجعلناهم حجارة. وقال الحسن البصري وقتادة : لأقعدهم على أرجلهم ، ولهذا قال تبارك وتعالى : (فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا) أي إلى أمام (وَلا يَرْجِعُونَ) إلى وراء بل يلزمون حالا واحدا لا يتقدمون ولا يتأخرون.
(وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ (٦٨) وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (٦٩) لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ) (٧٠)
__________________
(١) تفسير الطبري ١٠ / ٤٥٨.
(٢) انظر هذا الأثر والآثار التي قبله في تفسير الطبري ١٠ / ٤٥٨ ، ٤٥٩.