وقوله تعالى : (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) أي يرشد الله إلى هدايته من يختاره ، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد (١) : حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا إبراهيم بن محمد الفزاري ، حدثنا الأوزاعي ، حدثني ربيعة بن زيد عن عبد الله الديلمي عن عبد الله بن عمرو : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول «إن الله تعالى خلق خلقه في ظلمة ثم ألقى عليهم من نوره يومئذ ، فمن أصاب من نوره يومئذ اهتدى ومن أخطأ ضل فلذلك أقول : جف القلم على علم اللهعزوجل».
[طريق أخرى عنه] قال البزار : حدثنا أيوب عن سويد عن يحيى بن أبي عمرو السيباني ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول «إن الله خلق خلقه في ظلمة فألقى عليهم نورا من نوره فمن أصابه من ذلك النور اهتدى ومن أخطأه ضل» ورواه البزار عن عبد الله بن عمرو من طريق آخر بلفظه وحروفه. وقوله تعالى : (وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) لما ذكر تعالى هذا مثلا لنور هداه في قلب المؤمن ختم الآية بقوله (وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) أي هو أعلم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الإضلال.
قال الإمام أحمد (٢) : حدثنا أبو النضر ، حدثنا أبو معاوية حدثنا شيبان عن ليث عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «القلوب أربعة : قلب أجرد فيه مثل السراج يزهر ، وقلب أغلف مربوط على غلافه ، وقلب منكوس ، وقلب مصفح. فأما القلب الأجرد : فقلب المؤمن سراجه فيه نوره ، وأما القلب الأغلف فقلب الكافر ، وأما القلب المنكوس فقلب المنافق ، عرف ثم أنكر ، وأما القلب المصفح فقلب فيه إيمان ونفاق ، ومثل الإيمان فيه كمثل البقلة يمدها الماء الطيب ، ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدها الدم والقيح ، فأي المدتين غلبت على الأخرى غلبت عليه» إسناده جيد ولم يخرجوه.
(فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (٣٦) رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ (٣٧) لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) (٣٨)
لما ضرب الله تعالى مثل قلب المؤمن وما فيه من الهدى والعلم بالمصباح في الزجاجة الصافية المتوقد من زيت طيب وذلك كالقنديل ، ذكر محلها وهي المساجد التي هي أحب البقاع إلى الله تعالى من الأرض وهي بيوته التي يعبد فيها ويوحد فقال تعالى : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ) أي أمر الله تعالى بتعاهدها وتطهيرها من الدنس واللغو والأقوال والأفعال
__________________
(١) المسند ٢ / ١٧٦.
(٢) المسند ٣ / ١٧.