فهذا يدل على أنه بادر صلىاللهعليهوسلم إلى تصديق اليهودية في هذا الخبر وقرر عليه ، وفي الأخبار المتقدمة أنه أنكر ذلك حتى جاءه الوحي فلعلهما قضيتان والله سبحانه أعلم وأحاديث عذاب القبر كثيرة جدا وقال قتادة في قوله تعالى : (غُدُوًّا وَعَشِيًّا) صباحا ومساء ما بقيت الدنيا يقال لهم يا آل فرعون هذه منازلكم توبيخا ونقمة وصغارا لهم (١) ، وقال ابن زيد هم فيها اليوم يغدى بهم ويراح إلى أن تقوم الساعة.
وقال : ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد حدثنا المحاربي حدثنا ليث عن عبد الرحمن بن ثروان عن هذيل عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : إن أرواح الشهداء في أجواف طيور خضر تسرح بهم في الجنة حيث شاؤوا ، وإن أرواح ولدان المؤمنين في أجواف عصافير تسرح في الجنة حيث شاءت فتأوي إلى قناديل معلقة في العرش ، وإن أرواح آل فرعون في أجواف طيور سود تغدو على جهنم وتروح عليها فذلك عرضها ، وقد رواه الثوري عن أبي قيس عن الهذيل بن شرحبيل من كلامه في أرواح آل فرعون (٢) وكذلك قال السدي.
وفي حديث الإسراء من رواية أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال فيه «ثم انطلق بي إلى خلق كثير من خلق الله رجال كل رجل منهم بطنه مثل البيت الضخم مصفدون على سابلة آل فرعون وآل فرعون يعرضون على النار غدوا وعشيا (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) وآل فرعون كالإبل المسومة يخبطون الحجارة والشجر ولا يعقلون» وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حدثنا زيد بن أخرم حدثنا عامر بن مدرك الحارثي حدثنا عتبة ـ يعني ابن يقظان ـ عن قيس بن مسلم عن طارق عن شهاب عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ما أحسن محسن من مسلم أو كافر إلا أثابه الله تعالى» قال قلنا يا رسول الله ما إثابة الله الكافر؟ فقال : «إن كان قد وصل رحما أو تصدق بصدقة أو عمل حسنة أثابه الله تبارك وتعالى المال والولد والصحة وأشباه ذلك» قلنا فما إثابته في الآخرة؟ قال صلىاللهعليهوسلم : «عذابا دون العذاب» وقرأ (أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) ورواه البزار في مسنده عن زيد بن أخرم ثم قال : لا نعلم له إسنادا غير هذا.
وقال ابن جرير (٣) حدثنا عبد الكريم بن أبي عمير حدثنا حماد بن محمد الفزاري البلخي قال سمعت الأوزاعي وسأله رجل فقال : رحمك الله رأينا طيورا تخرج من البحر تأخذ ناحية الغرب بيضا فوجا فوجا لا يعلم عددها إلا الله عزوجل فإذا كان العشي رجع مثلها سودا قال وفطنتم إلى ذلك؟ قال نعم ، قال إن ذلك الطير في حواصلها أرواح آل فرعون يعرضون على
__________________
(١) تفسير الطبري ١١ / ٦٦ ، ٦٧.
(٢) تفسير الطبري ١١ / ٦٦.
(٣) تفسير الطبري ١١ / ٦٧.