الدنيا ليصيروا إليه في الآخرة وقد ذكروا قصة رجلين كانا شريكين في بني إسرائيل تدخل في ضمن عموم هذه الآية الكريمة ، قال أبو جعفر بن جرير (١) حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد حدثنا عتاب بن بشير عن خصيف عن فرات بن ثعلبة النهراني في قوله : (إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ) قال إن رجلين كانا شريكين فاجتمع لهما ثمانية آلاف دينار ، وكان أحدهما له حرفة والآخر ليس له حرفة ، فقال الذي له حرفة للآخر ليس عندك حرفة ما أراني إلا مفارقك ومقاسمك فقاسمه وفارقه ثم إن الرجل اشترى دارا بألف دينار كانت لملك مات فدعا صاحبه فأراه فقال كيف ترى هذه الدار ابتعتها بألف دينار؟ قال ما أحسنها ، فلما خرج قال اللهم إن صاحبي هذا قد ابتاع هذه الدار بألف دينار وإني أسألك دارا من دور الجنة فتصدق بألف دينار ، ثم مكث ما شاء الله تعالى أن يمكث ، ثم إنه تزوج بامرأة بألف دينار فدعاه وصنع له طعاما فلما أتاه قال إني تزوجت هذه المرأة بألف دينار فقال ما أحسن هذا فلما انصرف قال يا رب إن صاحبي تزوج امرأة بألف دينار ، وإني أسألك امرأة من الحور العين فتصدق بألف دينار ، ثم إنه مكث ما شاء الله تعالى أن يمكث ثم اشترى بستانين بألفي دينار ثم دعاه فأراه فقال إني ابتعت هذين البستانين بألفي دينار فقال ما أحسن هذا فلما خرج قال يا رب إن صاحبي قد اشترى بستانين بألفي دينار وأنا أسألك بستانين في الجنة فتصدق بألفي دينار ، ثم إن الملك أتاهما فتوفاهما ثم انطلق بهذا المتصدق فأدخله دارا تعجبه وإذا بامرأة تطلع يضيء ما تحتها من حسنها ثم أدخله بستانين وشيئا الله به عليم فقال عند ذلك ما أشبه هذا برجل كان من أمره كذا وكذا قال فإنه ذاك ولك هذا المنزل والبستانان والمرأة ، قال فإنه كان لي صاحب يقول (أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ) قيل له فإنه في الجحيم قال (هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ) فقال عند ذلك (تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) الآيات قال ابن جرير وهذا يقوي قراءة من قرأ «أإنك لمن المصّدّقين» بالتشديد (٢).
وقال ابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا عمرو بن عبد الرحمن الأبار أخبرنا أبو حفص قال سألت إسماعيل السدي عن هذه الآية (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ) قال فقال لي ما ذكرك هذا؟ قلت قرأته آنفا فأحببت أن أسألك عنه فقال : أما فاحفظ ، كان شريكان في بني إسرائيل أحدهما مؤمن والآخر كافر فافترقا على ستة آلاف دينار لكل واحد منهما ثلاثة آلاف دينار ثم افترقا فمكثا ما شاء الله تعالى أن يمكثا ، ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن ما صنعت في مالك؟ أضربت به شيئا (٣) اتجرت به في شيء؟ فقال له المؤمن لا فما صنعت أنت؟ فقال اشتريت به أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا بألف دينار ـ قال :
__________________
(١) تفسير الطبري ١٠ / ٤٩٠.
(٢) تفسير الطبري ١٠ / ٤٩٠.
(٣) أضربت به شيئا : أي أكسبت به شيئا؟