لِلسَّاعَةِ) أي ما وضعت على يديه من الآيات من إحياء الموتى وإبراء الأسقام فكفى به دليلا على علم الساعة يقول : (فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ).
وذكر ابن جرير (١) من رواية العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) قال : يعني قريشا ، لما قيل لهم : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) [الأنبياء : ٩٨] إلى آخر الآيات. فقالت له قريش : فما ابن مريم؟ قال «ذاك عبد الله ورسوله» فقالوا : والله ما يريد هذا إلا أن نتخذه ربا كما اتخذت النصارى عيسى ابن مريم ربا ، فقال الله عزوجل : (ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ).
وقال الإمام أحمد (٢) : حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا شيبان عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي رزين ، عن أبي يحيى مولى ابن عقيل الأنصاري ، قال : قال ابن عباس رضي الله عنهما : لقد علمت آية من القرآن ما سألني عنها رجل قط ، فما أدري أعلمها الناس فلم يسألوا عنها أو لم يفطنوا لها فيسألوا عنها. قال : ثم طفق يحدثنا ، فلما قام تلاومنا أن لا نكون سألناه عنها ، فقلت : أنا لها إذا راح غدا ، فلما راح الغد قلت : يا ابن عباس ذكرت أمس أن آية من القرآن لم يسألك عنها رجل قط ، فلا تدري أعلمها الناس أم لم يفطنوا لها ، فقلت : أخبرني عنها وعن اللاتي قرأت قبلها.
قال رضي الله عنه : نعم إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لقريش «يا معشر قريش إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير» وقد علمت قريش أن النصارى تعبد عيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام ، وما تقول في محمد صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا : يا محمد ألست تزعم أن عيسى عليه الصلاة والسلام كان نبيا وعبدا من عباد الله صالحا ، فإن كنت صادقا كان آلهتهم كما يقولون.
قال : فأنزل الله عزوجل : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) قلت : ما يصدون؟ قال : يضحكون (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) قال : هو خروج عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام قبل يوم القيامة. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن يعقوب الدمشقي ، حدثنا آدم ، حدثنا شيبان عن عاصم بن أبي النجود عن أبي أحمد مولى الأنصار عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا معشر قريش إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير» فقالوا له : ألست تزعم أن عيسى كان نبيا وعبدا من عباد الله صالحا فقد كان يعبد من دون الله؟ فأنزل الله عزوجل : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) وقال مجاهد في قوله تعالى : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) قالت قريش إنما يريد محمد أن نعبده كما عبد قوم عيسى عليهالسلام. ونحو هذا قال قتادة وقوله : (وَقالُوا
__________________
(١) تفسير الطبري ١١ / ٢٠٠ ، ٢٠١.
(٢) المسند ١ / ٣١٨.