وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله تعالى : (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى) قال : يقول شهادة أن لا إله إلا الله وهي رأس كل تقوى.
وقال سعيد بن جبير (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى) قال «لا إله إلا الله والجهاد في سبيله» وقال عطاء الخراساني هي «لا إله إلا الله محمد رسول الله» وقال عبد الله بن المبارك عن معمر عن الزهري (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى) قال «بسم الله الرحمن الرحيم». وقال قتادة (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى) قال «لا إله إلا الله» (وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها) كان المسلمون أحق بها وكانوا أهلها (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) أي هو عليم بمن يستحق الخير ممن يستحق الشر ، وقد قال النسائي : حدثنا إبراهيم بن سعيد ، حدثنا شبابة بن سوار عن أبي رزين عن عبد الله بن العلاء بن زبر عن بسر بن عبد الله عن أبي إدريس عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه كان يقرأ (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ) ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام ، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فأغلظ له فقال إنك لتعلم أني كنت أدخل على رسول اللهصلىاللهعليهوسلم فيعلمني مما علمه الله تعالى ، فقال عمر رضي الله عنه : بل أنت رجل عندك علم وقرآن ، فاقرأ وعلم مما علمك الله تعالى ورسوله.
وهذا ذكر الأحاديث الواردة في قصة الحديبية وقضية الصلح
قال الإمام أحمد (١) : حدثنا يزيد بن هارون. أخبرنا محمد بن إسحاق بن يسار عن الزهري عن عروة بن الزبير ، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم رضي الله عنهما قالا : خرج رسول اللهصلىاللهعليهوسلم عام الحديبية يريد زيارة البيت لا يريد قتالا ، وساق معه الهدي سبعين بدنة ، وكان الناس سبعمائة رجل ، فكانت كل بدنة عن عشرة ، وخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى إذا كان بعسفان لقيه بشر بن سفيان الكعبي فقال : يا رسول الله هذه قريش ، قد سمعت بمسيرك فخرجت معها العوذ المطافيل (٢) ، قد لبست جلود النمور يعاهدون الله تعالى أن لا تدخلها عليهم عنوة (٣) أبدا ، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموه إلى كراع الغميم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا ويح قريش! قد أكلتهم الحرب ، ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر الناس؟ فإن أصابوني كان الذي أرادوا ، وإن أظهرني الله تعالى دخلوا في الإسلام وهم وافرون ، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة ، فماذا تظن قريش فو الله لا أزال أجاهدهم على الذي بعثني الله تعالى به حتى يظهرني الله عزوجل أو تنفرد هذه السالفة».
__________________
(١) المسند ٤ / ٣٢٣ ، ٣٢٦ ، ٣٢٨ ، ٣٣١.
(٢) العوذ : جمع عائذ : هي الناقة إذا وضعت ، والمطافيل : النوق القريبة العهد بالنتاج معها أطفالها.
(٣) العنوة : القهر والغلبة.