كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ) ـ حتى بلغ ـ (حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ) وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه رسول الله ، ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم ، وحالوا بينهم وبين البيت.
هكذا ساقه البخاري هاهنا.
وقد أخرجه في التفسير وفي عمرة الحديبية وفي الحج وغير ذلك من حديث معمر وسفيان بن عيينة ، كلاهما عن الزهري به. ووقع في بعض الأماكن عن الزهري عن عروة عن مروان والمسور عن رجال من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم بذلك وهذا أشبه والله أعلم ، ولم يسقه أبسط من هاهنا ، وبينه وبين سياق ابن إسحاق تباين في مواضع ، وهناك فوائد ينبغي إضافتها إلى ما هاهنا ، ولذلك سقنا تلك الرواية وهذه والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.
وقال البخاري (١) في التفسير : حدثنا أحمد بن إسحاق السلمي ، حدثنا يعلى ، حدثنا عبد العزيز بن سياه عن حبيب بن أبي ثابت قال : أتيت أبا وائل أسأله ، فقال كنا بصفين ، فقال رجل : ألم تر إلى الذين يدعون إلى كتاب الله ، فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : نعم ، فقال سهل بن حنيف : اتهموا أنفسكم فلقد رأيتنا يوم الحديبية يعني الصلح الذي كان بين النبيصلىاللهعليهوسلم والمشركين ، ولو نرى قتالا لقاتلنا ، فجاء عمر رضي الله عنه فقال : ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ فقال : بلى. قال : ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا؟ فقال صلىاللهعليهوسلم : «يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا» فرجع متغيظا فلم يصبر حتى جاء أبا بكر رضي الله عنه فقال : يا أبا بكر ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ فقال : يا ابن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا ، فنزلت سورة الفتح.
وقد رواه البخاري أيضا في مواضع أخر ومسلم والنسائي من طرق أخر عن أبي وائل سفيان بن سلمة عن سهل بن حنيف به ، وفي بعض ألفاظه : يا أيها الناس اتهموا الرأي فلقد رأيتني يوم أبي جندل ، ولو أقدر على أن أرد على رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمره لرددته ، وفي رواية : فنزلت سورة الفتح فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقرأها عليه (٢).
وقال الإمام أحمد (٣) : حدثنا عفان حدثنا حماد عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال : إن قريشا صالحوا النبي صلىاللهعليهوسلم وفيهم سهيل بن عمرو ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم لعلي رضي الله عنه : «اكتب
__________________
(١) تفسير سورة ٤٨ ، باب ٥.
(٢) أخرجه البخاري في الجزية باب ١٨ ، في الترجمة ، وتفسير سورة ٤٨ ، باب ٥ ، ومسلم في الجهاد حديث ٩٤.
(٣) المسند ٣ / ٢٦٨.