فقال صلىاللهعليهوسلم : «لم يكن ذلك وقد بعثنا به إلى يأجج». فقال : بهذا عرفناك بالبر والوفاء ، وخرجت رؤوس الكفار من مكة لئلا ينظروا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإلى أصحابه رضي الله عنهم غيظا وحنقا. وأما بقية أهل مكة من الرجال والنساء والولدان ، فجلسوا في الطرق وعلى البيوت ينظرون إلى رسول الله وأصحابه ، فدخلها عليه الصلاة والسلام وبين يديه أصحابه يلبون ، والهدي قد بعثه إلى ذي طوى وهو راكب ناقته القصواء التي كان راكبها يوم الحديبية ، وعبد الله بن رواحة الأنصاري آخذ بزمام ناقة رسول الله يقودها وهو يقول : [رجز]
باسم الذي لا دين إلا دينه |
|
باسم الذي محمد رسوله |
خلّوا بني الكفّار عن سبيله |
|
اليوم نضربكم على تأويله |
كما ضربناكم على تنزيله |
|
ضربا يزيل الهام عن مقيله |
ويذهل الخليل عن خليله |
|
قد أنزل الرحمن في تنزيله |
في صحف تتلى على رسوله |
|
بأن خير القتل في سبيله (١) |
يا رب إني مؤمن بقيله |
فهذا مجموع من روايات متفرقة. قال يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق : حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم قال : لما دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكة في عمرة القضاء دخلها وعبد الله بن رواحة رضي الله عنه آخذ بخطام ناقته صلىاللهعليهوسلم وهو يقول :
خلوا بني الكفار عن سبيله |
|
إني شهيد أنه رسوله |
خلوا فكل الخير في رسوله |
|
يا رب إني مؤمن بقيله |
نحن قتلناكم على تأويله |
|
كما قتلناكم على تنزيله |
ضربا يزيل الهام عن مقيله |
|
ويذهل الخليل عن خليله |
وقال عبد الرزاق : حدثنا معمر عن الزهري عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : لما دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكة في عمرة القضاء مشى عبد الله بن رواحة رضي الله عنه بين يديه وفي رواية : وابن رواحة آخذ بغرزه وهو رضي الله عنه يقول :
خلوا بني الكفار عن سبيله |
|
قد نزل الرحمن في تنزيله |
بأن خير القتل في سبيله |
|
يا رب إني مؤمن بقيله |
نحن قتلناكم على تأويله |
|
كما قتلناكم على تنزيله |
اليوم نضربكم على تأويله |
|
ضربا يزيل الهام عن مقيله |
ويذهل الخليل عن خليله |
__________________
(١) الرجز لعبد الله بن رواحة في ديوانه ص ١٠١ ، ١٠٢ ولسان العرب (قيل) ، وأساس البلاغة (أول) ، وتاج العروس (قيل)