(ادْخُلُوها) أي الجنة (بِسَلامٍ) قال قتادة سلموا من عذاب الله عزوجل ، وسلم عليهم ملائكة الله ، وقوله سبحانه وتعالى : (ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ) أي يخلدون في الجنة فلا يموتون أبدا ، ولا يظعنون أبدا ولا يبغون عنها حولا ، وقوله جلت عظمته : (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها) أي مهما اختاروا وجدوا من أي أصناف الملاذ طلبوا أحضر لهم. قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا عمرو بن عثمان ، حدثنا بقية عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة قال : من المزيد أن تمر السحابة بأهل الجنة فتقول : ماذا تريدون فأمطره لكم؟ فلا يدعون بشيء إلا أمطرتهم ، قال كثير : لئن أشهدني الله تعالى ذلك لأقولن أمطرينا جواري مزينات.
وفي الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال له : «إنك لتشتهي الطير في الجنة فيخر بين يديك مشويا» وقال الإمام أحمد (١) : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي عن عامر الأحول عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا اشتهى المؤمن الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة واحدة» (٢) ورواه الترمذي وابن ماجة عن بندار عن معاذ بن هشام به. وقال الترمذي حسن غريب وزاد : كما يشتهي.
وقوله تعالى : (وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) كقوله عزوجل : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) [يونس : ٢٦] وقد تقدم في صحيح مسلم عن صهيب بن سنان الرومي أنها النظر إلى وجه الله الكريم. وقد روى البزار وابن أبي حاتم من حديث شريك القاضي عن عثمان بن عمير أبي اليقظان عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله عزوجل : (وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) قال : يظهر لهم الرب عزوجل في كل جمعة.
وقد رواه الإمام أبو عبد الله الشافعي مرفوعا فقال في مسنده : أخبرنا إبراهيم بن محمد ، حدثني موسى بن عبيدة ، حدثني أبو الأزهر معاوية بن إسحاق بن طلحة عن عبد الله بن عمير أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول : أتى جبرائيل عليه الصلاة والسلام بمرآة بيضاء فيها نكتة (٣) إلى رسول الله فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما هذه؟» فقال : هذه الجمعة فضلت بها أنت وأمتك ، فالناس لكم فيها تبع اليهود والنصارى ولكم فيها خير ، ولكم فيها ساعة لا يوافقها مؤمن ، يدعو الله تعالى فيها بخير إلا استجيب له وهو عندنا يوم المزيد.
قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «يا جبريل وما يوم المزيد؟» قال عليهالسلام : إن ربك تبارك وتعالى اتخذ في الفردوس واديا أفيح (٤) فيه كثب المسك ، فإذا كان يوم الجمعة أنزل الله تعالى ما شاء من
__________________
(١) المسند ٣ / ٩.
(٢) أخرجه الترمذي في الجنة باب ٢٣ ، وابن ماجة في الزهد باب ٣٩ ، والدارمي في الرقاق باب ١١٠.
(٣) النكتة : هي الأثر في الشيء كالنقطة من غير لونه.
(٤) الوادي الأفيح : الواسع.