ما سمعته صلىاللهعليهوسلم يقول : «يا أيها الناس أطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وأفشوا السلام ، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام».
وقال الإمام أحمد (١) : حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة حدثني حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : إن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم قال : «إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها» فقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : لمن هي يا رسول الله؟ قال صلىاللهعليهوسلم : «لمن ألان الكلام ، وأطعم الطعام ، وبات لله قائما والناس نيام» وقال معمر في قوله تعالى : (كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ) كان الزهري والحسن يقولان كانوا كثيرا من الليل ما يصلون ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما وإبراهيم النخعي (كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ) ما ينامون. وقال الضحاك (إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ كانُوا قَلِيلاً) ثم ابتدأ فقال : (مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) وهذا القول فيه بعد وتعسف.
وقوله عزوجل : (وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) قال مجاهد وغير واحد : يصلون وقال آخرون : قاموا الليل وأخروا الاستغفار إلى الأسحار كما قال تبارك وتعالى : (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ) فإن كان الاستغفار في صلاة فهو أحسن. وقد ثبت في الصحاح وغيرها عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ، عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إن الله تعالى ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير ، فيقول هل من تائب فأتوب عليه ، هل من مستغفر فأغفر له ، هل من سائل فيعطى سؤله؟ حتى يطلع الفجر» وقال كثير من المفسرين في قوله تعالى إخبارا عن يعقوب أنه قال لبنيه (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) قالوا أخرهم إلى وقت السحر.
وقوله تبارك وتعالى : (وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) لما وصفهم بالصلاة ثنى بوصفهم بالزكاة والبر والصلة فقال : (وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌ) أي جزء مقسوم قد أفرزوه للسائل والمحروم. أما السائل فمعروف وهو الذي يبتدئ بالسؤال ، وله حق كما قال الإمام أحمد (٢) : حدثنا وكيع وعبد الرحمن قالا : حدثنا سفيان عن مصعب بن محمد عن يعلى بن أبي يحيى ، عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها الحسين بن علي رضي الله عنهما قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «للسائل حق وإن جاء على فرس» (٣) ورواه أبو داود من حديث سفيان الثوري به. ثم أسنده من وجه آخر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وروي من حديث الهرماس بن زياد مرفوعا.
وأما المحروم فقال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد : هو المحارف (٤) الذي ليس له في
__________________
(١) المسند ٢ / ١٧٣.
(٢) المسند ١ / ٢٠١.
(٣) أخرجه أبو داود في الزكاة باب ٣٣ ، والترمذي في القيامة باب ٤١.
(٤) المحارف ، بفتح الراء : المحروم.