واختاره ابن جرير (١) ووجهه بأنه ليس موقدا اليوم فهو مملوء. وقيل : المراد به الفارغ.
قال الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء عن ذي الرمة عن ابن عباس في قوله تعالى : (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) قال : الفارغ خرجت أمة تستسقي فرجعت فقالت : إن الحوض مسجور يعني فارغا. رواه ابن مردويه في مسانيد الشعراء. وقيل : المراد بالمسجور الممنوع المكفوف عن الأرض لئلا يغمرها فيغرق أهلها قاله علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وبه يقول السدي وغيره ، وعليه يدل الحديث الذي رواه الإمام أحمد (٢) ، رحمهالله ، في مسنده فإنه قال : حدثنا يزيد ، حدثنا العوام ، حدثني شيخ كان مرابطا بالساحل قال : لقيت أبا صالح مولى عمر بن الخطاب فقال : حدثنا عمر بن الخطاب عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ليس من ليلة إلا والبحر يشرف فيها ثلاث مرات ، يستأذن الله تعالى أن ينفضخ عليهم ، فيكفه الله عزوجل».
وقال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي : حدثنا الحسن بن سفيان عن إسحاق بن راهويه عن يزيد ، وهو ابن هارون ، عن العوام بن حوشب ، حدثني شيخ مرابط قال : خرجت ليلة لحرسي لم يخرج أحد من الحرس غيري ، فأتيت الميناء فصعدت فجعل يخيل إلي أن البحر يشرف يحاذي رؤوس الجبال ، فعل ذلك مرارا وأنا مستيقظ ، فلقيت أبا صالح فقال : حدثنا عمر بن الخطاب أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ما من ليلة إلا والبحر يشرف ثلاث مرات يستأذن الله تعالى أن ينفضخ عليهم ، فيكفه الله عزوجل» فيه رجل مبهم لم يسم.
وقوله تعالى : (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ) هذا هو المقسم عليه أي الواقع بالكافرين كما قال في الآية الأخرى : (ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) أي ليس له دافع يدفعه عنهم إذا أراد الله بهم ذلك. قال الحافظ أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن داود عن صالح المري عن جعفر بن زيد العبدي قال : خرج عمر يعس في المدينة ذات ليلة ، فمر بدار رجل من المسلمين فوافقه قائما يصلي فوقف يستمع قراءته فقرأ (وَالطُّورِ) ـ حتى إذا بلغ ـ (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) قال : قسم ورب الكعبة حق ، فنزل عن حماره واستند إلى حائط فمكث مليا ثم رجع إلى منزله ، فمكث شهرا يعوده الناس لا يدرون ما مرضه رضي الله عنه.
وقال الإمام أبو عبيد في فضائل القرآن : حدثنا محمد بن صالح ، حدثنا هشام بن حسان عن الحسن أن عمر قرأ (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) فربا لها ربوة عيد منها عشرين يوما. وقوله تعالى : (يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً) قال ابن عباس وقتادة : تتحرك تحريكا. وعن ابن عباس : هو تشققها. وقال مجاهد : تدور دورا وقال الضحاك : استدارتها وتحركها لأمر الله وموج بعضها في بعض. وهذا اختيار ابن جرير أنه التحرك في استدارة. قال : وأنشد أبو عبيدة
__________________
(١) تفسير الطبري ١١ / ٤٨٣.
(٢) المسند ١ / ٥٣.