وجنتان من ورق لأصحاب اليمين.
وقال ابن جرير (١) : حدثنا زكريا بن يحيى بن أبان المصري ، حدثنا ابن أبي مريم ، أخبرنا محمد بن جعفر عن محمد بن أبي حرملة عن عطاء بن يسار أخبرني أبو الدرداء أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم قرأ يوما هذه الآية (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) فقلت : وإن زنى وإن سرق؟ فقال : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) فقلت : وإن زنى وإن سرق فقال : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) فقلت : وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ فقال : «وإن رغم أنف أبي الدرداء» ورواه النسائي من حديث محمد بن أبي حرملة به ، ورواه النسائي أيضا عن مؤمل بن هشام عن إسماعيل عن الجريري ، عن موسى عن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبي الدرداء به ، وقد روي موقوفا على أبي الدرداء ، وروي عنه أنه قال : إن من خاف مقام ربه لم يزن ولم يسرق.
وهذه الآية عامة في الإنس والجن ، فهي من أدل دليل على أن الجن يدخلون الجنة إذا آمنوا واتقوا ، ولهذا امتن الله تعالى على الثقلين بهذا الجزاء فقال : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ثم نعت هاتين الجنتين فقال : (ذَواتا أَفْنانٍ) أي أغصان نضرة حسنة تحمل من كل ثمرة نضيجة فائقة (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) هكذا قال عطاء الخراساني وجماعة أن الأفنان أغصان الشجر يمس بعضها بعضا ، وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا مسلم بن قتيبة ، حدثنا عبد الله بن النعمان ، سمعت عكرمة يقول : (ذَواتا أَفْنانٍ) يقول : ظل الأغصان على الحيطان ، ألم تسمع قول الشاعر : [الوافر]
ما هاج شوقك من هديل حمامة |
|
تدعو على فنن الغصون حماما (٢) |
تدعو أبا فرخين صادف طاويا |
|
ذا مخلبين من الصقور قطاما |
وحكى البغوي عن مجاهد وعكرمة والضحاك والكلبي ، أنه الغصن المستقيم ، قال : وحدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا عبد السلام بن حرب ، حدثنا عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : (ذَواتا أَفْنانٍ) ذواتا ألوان ، قال : وروي عن سعيد بن جبير والحسن والسدي وخصيف والنضر بن عربي وأبي سنان مثل ذلك ، ومعنى هذا القول أن فيهما فنونا من الملاذ ، واختاره ابن جرير ، وقال عطاء : كل غصن يجمع فنونا من الفاكهة ، وقال الربيع بن أنس (ذَواتا أَفْنانٍ) واسعتا الفناء وكل هذه الأقوال صحيحة ولا منافاة بينها ، والله أعلم ، وقال قتادة : ذواتا أفنان يعني بسعتها وفضلها ومزيتها على ما سواها.
وقال محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر قالت : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وذكر سدرة المنتهى ، فقال : «يسير في ظل الفنن منها الراكب
__________________
(١) تفسير الطبري ١١ / ٦٠٢.
(٢) البيتان بلا نسبة في تفسير الطبري ١١ / ٦٠٤.