وإما تذاكروا ، الرجال أكثر في الجنة أم النساء؟ فقال أبو هريرة : أو لم يقل أبو القاسمصلىاللهعليهوسلم : «إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر والتي تليها على ضوء كوكب دري في السماء ، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم وما في الجنة أعزب» (١) وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من حديث همام بن منبه وأبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وقال الإمام أحمد (٢) : حدثنا أبو النضر ، حدثنا محمد بن طلحة عن حميد عن أنس ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ، ولقاب قوس أحدكم أو موضع قيده ـ يعني سوطه ـ من الجنة خير من الدنيا وما فيها ، ولو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحا ولطاب ما بينهما ، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها» (٣) ورواه البخاري من حديث أبي إسحاق عن حميد عن أنس بنحوه.
وقوله تعالى : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) أي ما لمن أحسن العمل في الدنيا إلا الإحسان إليه في الآخرة ، كما قال تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) [يونس : ٢٦] وقال البغوي ، حدثنا أبو سعيد الشريحي ، حدثنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني ابن فنجويه ، حدثنا ابن شيبة ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن بهرام ، حدثنا الحجاج بن يوسف المكتب ، حدثنا بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي عن أنس بن مالك قال : قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) وقال «هل تدرون ما قال ربكم؟» قالوا : الله ورسوله أعلم. قال «يقول هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة» ولما كان في الذي ذكر نعم عظيمة لا يقاومها عمل بل مجرد تفضل وامتنان قال بعد ذلك كله (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
ومما يتعلق بقوله تعالى : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) ما رواه الترمذي والبغوي من حديث أبي النضر هاشم بن القاسم عن أبي عقيل الثقفي ، عن أبي فروة يزيد بن سنان الرهاوي عن بكير بن فيروز عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من خاف أدلج ، ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله الجنة» (٤) ثم قال الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي النضر وروى البغوي من حديث علي بن حجر عن إسماعيل بن جعفر عن محمد بن أبي حرملة مولى حويطب بن عبد العزى ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي الدرداء أنه سمع رسول اللهصلىاللهعليهوسلم يقص على المنبر وهو يقول : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) فقلت : وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) فقلت الثانية :
__________________
(١) أخرجه مسلم في الجنة حديث ١٤.
(٢) المسند ٣ / ١٤١.
(٣) أخرجه البخاري في فضائل الجهاد باب ١٧.
(٤) أخرجه الترمذي في القيامة باب ١٨.