رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعن النائحة والمستمعة رواه أبو داود (١). وقال ابن جرير (٢) : حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن يزيد مولى الصهباء عن شهر بن حوشب عن أم سلمة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في قول الله تعالى : (وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) قال النوح (٣) ، ورواه الترمذي في التفسير عن عبد بن حميد عن أبي نعيم وابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع كلاهما عن يزيد بن عبد الله الشيباني مولى الصهباء به وقال الترمذي حسن غريب.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) (١٣)
ينهى تبارك وتعالى عن موالاة الكافرين في آخر هذه السورة كما نهى عنها في أولها فقال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) يعني اليهود والنصارى وسائر الكفار ممن غضب الله عليه ولعنه واستحق من الله الطرد والإبعاد ، فكيف توالونهم وتتخذونهم أصدقاء وأخلاء وقد يئسوا من الآخرة أي من ثواب الآخرة ونعيمها في حكم الله عزوجل.
وقوله تعالى : (كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) فيه قولان : أحدهما كما يئس الكفار الأحياء من قراباتهم الذين في القبور أن يجتمعوا بهم بعد ذلك لأنهم لا يعتقدون بعثا ولا نشورا ، فقد انقطع رجاؤهم منهم فيما يعتقدونه. قال العوفي عن ابن عباس (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) إلى آخر السورة يعني من مات من الذين كفروا فقد يئس الأحياء من الذين كفروا أن يرجعوا إليهم أو يبعثهم الله عزوجل ، وقال الحسن البصري (كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) قال : الكفار الأحياء قد يئسوا من الأموات ، وقال قتادة : كما يئس الكفار أن يرجع إليهم أصحاب القبور الذين ماتوا وكذا قال الضحاك ، رواهن ابن جرير (٤).
والقول الثاني معناه كما يئس الكفار الذين هم في القبور من كل خير ، قال الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن ابن مسعود (كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) قال كما يئس هذا الكافر إذا مات وعاين ثوابه واطلع عليه ، وهذا قول مجاهد وعكرمة ومقاتل وابن زيد والكلبي ومنصور ، وهو اختيار ابن جرير رحمهالله.
آخر تفسير سورة الممتحنة ، ولله الحمد والمنة.
__________________
(١) كتاب الجنائز باب ٢٥.
(٢) تفسير الطبري ١٢ / ٧٥.
(٣) أخرجه الترمذي في تفسير سورة ٦ ، باب ٣ ، وابن ماجة في الجنائز باب ٥١.
(٤) تفسير الطبري ١٢ / ٧٦.