تفسير سورة التحريم
وهي مدنية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وَاللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٢) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (٣) إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (٤) عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً)(٥)
اختلف في سبب نزول صدر هذه السورة فقيل : نزلت في شأن مارية وكان رسول اللهصلىاللهعليهوسلم قد حرمها ، فنزل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ) الآية.
قال أبو عبد الرّحمن النسائي : أخبرنا إبراهيم بن يونس بن محمد ، حدثنا أبي ، حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كانت له أمة يطؤها فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرمها ، فأنزل الله عزوجل (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) إلى آخر الآية. وقال ابن جرير (١) : حدثني ابن عبد الرّحيم البرقي ، حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا أبو غسان ، حدثني زيد بن أسلم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أصاب أم إبراهيم في بيت بعض نسائه فقالت : أي رسول الله في بيتي وعلى فراشي؟ فجعلها عليه حراما فقالت : أي رسول الله كيف يحرم عليك الحلال؟ فحلف لها بالله لا يصيبها فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) قال زيد بن أسلم : فقوله أنت علي حرام لغو وهكذا روى عبد الرّحمن بن زيد عن أبيه.
وقال ابن جرير (٢) أيضا : حدثنا يونس ، حدثنا ابن وهب عن مالك عن زيد بن أسلم قال: قال لها : «أنت علي حرام وو الله لا أطؤك» وقال سفيان الثوري وابن علية عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق قال : آلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وحرم ، فعوتب في التحريم وأمر بالكفارة في
__________________
(١) تفسير الطبري ١٢ / ١٤٧.
(٢) تفسير الطبري ١٢ / ١٤٧ ، ١٤٨.