عنها أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه» (١) رواه البخاري من حديث مالك. ويتركون المحرمات التي نهاهم عنها خيفة من سوء الحساب يوم المعاد وهو اليوم الذي شره مستطير أي منتشر عام على الناس إلا من رحم الله ، قال ابن عباس : فاشيا ، وقال قتادة : استطار والله شر ذلك اليوم حتى ملأ السموات والأرض ، وقال ابن جرير(٢): ومنه قولهم : استطار الصدع في الزجاجة واستطال ، ومنه قول الأعشى : [المتقارب]
فبانت وقد أسأرت في الفؤاد |
|
صدعا على نأيها مستطيرا (٣) |
يعني ممتدا فاشيا. وقوله تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) قيل على حب الله تعالى ، وجعلوا الضمير عائدا إلى الله عزوجل لدلالة السياق عليه ، والأظهر أن الضمير عائد على الطعام أي ويطعمون الطعام في حال محبتهم وشهوتهم له ، قاله مجاهد ومقاتل واختاره ابن جرير كقوله تعالى : (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ) وكقوله تعالى : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [البقرة : ١٧٧].
وروى البيهقي من طريق الأعمش عن نافع قال : مرض ابن عمر فاشتهى عنبا أول ما جاء العنب فأرسلت صفية ، يعني امرأته ، فاشترت عنقودا بدرهم فاتبع الرسول سائل فلما دخل به قال السائل : السائل. فقال ابن عمر : أعطوه إياه فأعطوه إياه ، فأرسلت بدرهم آخر فاشترت عنقودا فاتبع الرسول السائل ، فلما دخل قال السائل : فقال ابن عمر : أعطوه إياه فأعطوه إياه ، فأرسلت صفية إلى السائل فقالت والله إن عدت لا تصيب منه خيرا أبدا ، ثم أرسلت بدرهم آخر فاشترت به.
وفي الصحيح «أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر»(٤) أي في حال محبتك للمال وحرصك عليه وحاجتك إليه ، ولهذا قال تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) أما المسكين واليتيم فقد تقدم بيانهما وصفتهما ، وأما الأسير فقال سعيد بن جبير والحسن والضحاك : الأسير من أهل القبلة ، وقال ابن عباس : كان أسراؤهم يومئذ مشركين ، ويشهد لهذا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمر أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسارى ، فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عند الغداء ، وقال عكرمة : هم العبيد ، واختاره ابن جرير لعموم الآية للمسلم والمشرك ، وهكذا قال سعيد بن جبير وعطاء والحسن وقتادة.
__________________
(١) أخرجه البخاري في الأيمان باب ٢٨ ، ومالك في النذور حديث ٨.
(٢) تفسير الطبري ١٢ / ٣٥٩.
(٣) يروى البيت :
فبانت وقد أورثت في الفؤاد |
|
صدعا يخالط عثارها |
وهو في ديوان الأعشى ص ٣٦٧ ، وتهذيب اللغة ٢ / ٣٢٦ ، وتاج العروس (عثر) ، ولسان العرب (عثر) ، وتفسير الطبري ١٢ / ٣٥٩ ، والبيت بلا نسبة في مجمل اللغة ٣ / ٤٤٤.
(٤) أخرجه مسلم في الزكاة حديث ٩٢.