١] ، (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) ، (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) [الليل : ١].
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى (١) وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى (٢) وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤) فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (١٠) وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى) (١١)
قال الإمام أحمد (١) : حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا شعبة عن المغيرة عن إبراهيم ، عن علقمة أنه قدم الشام ، فدخل مسجد دمشق فصلى فيه ركعتين وقال : اللهم ارزقني جليسا صالحا قال فجلس إلى أبي الدرداء فقال له أبو الدرداء : ممن أنت؟ قال : من أهل الكوفة ، قال : كيف سمعت ابن أم عبد يقرأ (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) قال علقمة : والذكر والأنثى فقال أبو الدرداء : لقد سمعتها من رسول الله صلىاللهعليهوسلم فما زال هؤلاء حتى شككوني ثم قال ألم يكن فيكم صاحب الوساد وصاحب السر الذي لا يعلمه أحد غيره ، والذي أجير من الشيطان على لسان محمد صلىاللهعليهوسلم ، وقد رواه البخاري (٢) هاهنا ومسلم من طريق الأعمش عن إبراهيم قال قدم أصحاب عبد الله على أبي الدرداء فطلبهم فوجدهم فقال : أيكم يقرأ عليّ قراءة عبد الله؟ قالوا كلنا ، قال : أيكم أحفظ؟ فأشاروا إلى علقمة فقال : كيف سمعته يقرأ (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) ـ قال ـ والذكر والأنثى قال : أشهد أني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقرأ هكذا ، وهؤلاء يريدون أن أقرأ (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) والله لا أتابعهم ، هذا لفظ البخاري. وهكذا قرأ ذلك ابن مسعود وأبو الدرداء ورفعه أبو الدرداء ، وأما الجمهور فقرؤوا ذلك كما هو المثبت في المصحف الإمام العثماني في سائر الآفاق (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) فأقسم تعالى ب (اللَّيْلِ إِذا يَغْشى) أي إذا غشى الخليقة بظلامه (وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) أي بضيائه وإشراقه.
(وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) كقوله تعالى : (وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً) [النبأ : ٨] وكقوله: (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ) [الذاريات : ٤٩] ولما كان القسم بهذه الأشياء المتضادة كان المقسم عليه أيضا متضادا ، ولهذا قال تعالى : (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) أي أعمال العباد التي اكتسبوها متضادة أيضا ومتخالفة فمن فاعل خيرا ومن فاعل شرا. قال الله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى) أي أعطى ما أمر بإخراجه واتقى الله في أموره (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) أي بالمجازاة على ذلك قاله قتادة ، وقال خصيف بالثواب.
وقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وأبو صالح وزيد بن أسلم (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) أي
__________________
(١) المسند ٦ / ٤٤٩.
(٢) كتاب التفسير ، تفسير سورة ٩٢ ، في الترجمة.