لأقتلنه ، فأنزل الله عزوجل (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) حتى بلغ هذه الآية (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ، ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ ، فَلْيَدْعُ نادِيَهُ ، سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) فجاء النبي صلىاللهعليهوسلم فصلى ، فقيل: ما يمنعك؟ قال : قد اسود ما بيني وبينه من الكتائب ، قال ابن عباس : والله لو تحرك لأخذته الملائكة والناس ينظرون إليه.
وقال ابن جرير (١) : حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا المعتمر عن أبيه ، حدثنا نعيم بن أبي هند عن أبي حازم عن أبي هريرة قال : قال أبو جهل : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قالوا : نعم ، قال : فقال واللات والعزى لئن رأيته يصلي كذلك لأطأن على رقبته ، ولأعفرن وجهه في التراب ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو يصلي ليطأ على رقبته ، قال : فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه ، قال فقيل له : ما لك؟ فقال : إن بيني وبينه خندقا من نار ، وهولا وأجنحة قال : فقال رسول الله : «لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا» قال : وأنزل الله لا أدري في حديث أبي هريرة أم لا (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى) إلى آخر السورة (٢) ، وقد رواه أحمد بن حنبل ومسلم والنسائي وابن أبي حاتم من حديث معتمر بن سليمان به.
وقوله تعالى : (كَلَّا لا تُطِعْهُ) يعني يا محمد لا تطعه فيما ينهاك عنه من المداومة على العبادة وكثرتها ، وصل حيث شئت ، ولا تباله فإن الله حافظك وناصرك وهو يعصمك من الناس (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) كما ثبت في الصحيح عند مسلم من طريق عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث عن عمارة بن غزية ، عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء» (٣) وتقدم أيضا أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم كان يسجد في (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) و (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ).
آخر تفسير سورة اقرأ ، ولله الحمد والمنة ، وبه التوفيق والعصمة.
تفسير سورة القدر
وهي مكية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)(٥)
__________________
(١) تفسير الطبري ١٢ / ٦٤٩.
(٢) أخرجه مسلم في المنافقين حديث ٣٨ ، وأحمد في المسند ٢ / ٣٧٠.
(٣) أخرجه مسلم في الصلاة حديث ٢١٥.