تفسير سورة المجادلة
وهي مدنية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)(١)
قال الإمام أحمد (١) : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة عن عائشة قالت الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلىاللهعليهوسلم تكلمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقوله ، فأنزل الله عزوجل (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها) (٢) إلى آخر الآية ، وهكذا رواه البخاري في كتاب التوحيد تعليقا فقال ، وقال الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة عن عائشة فذكره وأخرجه النسائي وابن ماجة وابن أبي حاتم وابن جرير من غير وجه عن الأعمش به. وفي رواية لابن أبي حاتم عن الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة عن عائشة أنها قالت : تبارك الذي أوعى سمعه كل شيء ، إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهي تقول يا رسول الله أكل مالي وأفنى شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبر سني وانقطع ولدي ظاهر مني ، اللهم إني أشكو إليك ، قالت فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الآية (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها).
قالت : وزوجها أوس بن الصامت ، وقال ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة هو أوس بن الصامت : وكان أوس امرءا به لمم ، فكان إذا أخذه لممه واشتد به يظاهر من امرأته ، وإذا ذهب لم يقل شيئا فأتت رسول الله صلىاللهعليهوسلم تستفتيه في ذلك وتشتكي إلى الله ، فأنزل الله (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ) الآية. وهكذا روى هشام بن عروة عن أبيه أن رجلا كان به لمم فذكر مثله.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي : حدثنا موسى بن إسماعيل أبو سلمة ، حدثنا جرير يعني ابن حازم قال : سمعت أبا يزيد يحدث قال : لقيت امرأة عمر يقال لها : خولة بنت ثعلبة ، وهو يسير مع الناس فاستوقفته فوقف لها ودنا منها وأصغى إليها رأسه ووضع يديه على منكبيها حتى قضت حاجتها وانصرفت ، فقال له رجل : يا أمير المؤمنين حبست رجالات قريش على هذه العجوز ، قال ويحك وتدري من هذه؟ قال : لا. قال هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع
__________________
(١) المسند ٦ / ٤٦.
(٢) أخرجه البخاري في التوحيد باب ٩ ، والنسائي في الطلاق باب ٣٣ ، وابن ماجة في المقدمة باب ١٣.