عن معاوية بن الحكم السلمي في قصة الجارية السوداء ، وأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أعتقها فإنها مؤمنة» (١) وقد رواه أحمد في مسنده ومسلم في صحيحه.
وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا يوسف بن موسى ، حدثنا عبد الله بن نمير عن إسماعيل بن يسار عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس ، قال : أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجل فقال إني تظاهرت من امرأتي ثم وقعت عليها قبل أن أكفر ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ألم يقل الله تعالى : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) قال : أعجبتني ، قال : «أمسك حتى تكفر» ثم قال البزار : لا يروى عن ابن عباس بأحسن من هذا ، وإسماعيل بن مسلم تكلم فيه وروى عنه جماعة كثيرة من أهل العلم ، وفيه من الفقه أنه لم يأمره إلا بكفارة واحدة.
وقوله تعالى : (ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ) أي تزجرون به (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) أي خبير بما يصلحكم عليم بأحوالكم ، وقوله تعالى : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) قد تقدمت الأحاديث الواردة بهذا على الترتيب كما ثبت في الصحيحين في قصة الذي جامع امرأته في رمضان (ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) أي شرعنا هذا لهذا. وقوله تعالى : (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) أي محارمه فلا تنتهكوها. وقوله تعالى : (وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي الذين لم يؤمنوا ولا التزموا بأحكام هذه الشريعة ، لا تعتقدوا أنهم ناجون من البلاء كلا ليس الأمر كما زعموا بل لهم عذاب أليم أي في الدنيا والآخرة.
(إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ (٥) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٦) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٧)
يخبر تعالى عمن شاقوا الله ورسوله وعاندوا شرعه (كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي أهينوا ولعنوا وأخزوا كما فعل بمن أشبههم ممن قبلهم (وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ) أي واضحات لا يعاندها ولا يخالفها إلا كافر فاجر مكابر (وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ) أي في مقابلة ما استكبروا عن اتباع شرع الله والانقياد له والخضوع لديه.
ثم قال تعالى : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً) وذلك يوم القيامة يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد (فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا) أي فيخبرهم بالذي صنعوا من خير وشر (أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ) أي ضبطه الله وحفظه عليهم وهم قد نسوا ما كانوا عملوا (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)
__________________
(١) أخرجه مسلم في المساجد حديث ٣٣ ، ومالك في العتق حديث ٨ ، ٩ ، وأحمد في المسند ٥ / ٤٤٧.