تفسير سورة الحشر
وهي مدنية
وكان ابن عباس يقول : سورة بني النضير
قال سعيد بن المنصور : حدثنا هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس سورة الحشر ، قال : أنزلت في بني النضير ، ورواه البخاري ومسلم من وجه آخر عن هشيم به ، ورواه البخاري من حديث أبي عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير : قال قلت لابن عباس سورة الحشر؟ قال سورة بني النضير (١).
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ (٢) وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ (٣) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٤) ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ)(٥)
يخبر تعالى أن جميع ما في السموات وما في الأرض من شيء يسبح له ويمجده ويقدسه ويصلي له ويوحده كقوله تعالى : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) [الإسراء : ٤٤] وقوله تعالى : (وَهُوَ الْعَزِيزُ) أي منيع الجناب (الْحَكِيمُ) في قدره وشرعه.
وقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) يعني يهود بني النضير. قاله ابن عباس ومجاهد والزهري وغير واحد : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما قدم المدينة هادنهم وأعطاهم عهدا وذمة على أن لا يقاتلهم ولا يقاتلوه ، فنقضوا العهد الذي كان بينهم وبينه فأحل الله بهم بأسه الذي لا مرد له ، وأنزل عليهم قضاءه الذي لا يصد ، فأجلاهم النبي صلىاللهعليهوسلم وأخرجهم من
__________________
(١) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٥٩ ، باب ١ ، ومسلم في التفسير حديث ٣١.