وإذا أمعنّا النظر في التعاريف المذكورة للبدعة ، نجد أنّها تعتبر مقوّمات البدعة المحرمة والتي تميّزها عن «السنّة» ثلاثة أُمور أساسية ، هي :
الأوّل : التدخل والتصرّف في الدين عقيدة أو حكماً بزيادة أو نقيصة.
الثاني : أن لا تكون لها جذور في الشرع تدعم جوازها لا بالخصوص ولا بالعموم.
الثالث : أن تكون هناك إشاعة بين الناس.
وبعد أن عرفنا الأُسس والمقوّمات الأساسية للبدعة ـ بصورة إجمالية ـ نشرع في دراسة تلك المقوّمات بصورة مستقلة وعلى نحو التفصيل.
١. التدخّل والتصرّف في الدين عقيدة أو حكماً
لا ريب أنّ التدخّل في الدين بالزيادة أو النقيصة ، أو بعبارة أُخرى : استهداف روح الدين وأحكامه وعقائده وإيجاد حالة من التحوّل والتغيّر فيه ونسبة ذلك إلى الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يُعدّ من أنواع التصرّف في الدين المنهي عنه تحت عنوان «البدعة» ، وأمّا التجديد والحداثة التي لا يستهدف صاحبها روح الدين وأحكامه وعقائده ولم يتصرّف فيها ولم ينسب ذلك إلى الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإنّما يوجد حالة من التحوّل والتطوير في برامج الإجابة وطريقة الطرح ومنهجيّة العرض فقط ، فإنّ كلّ ذلك لا يُعدّ من البدعة المصطلحة التي وقعت موضوعاً للنهي والحرمة ، وإن كان يصدق عليه معنى البدعة لغة.
نعم قد يكون التصرّف هذا في حدّ ذاته غير جائز لسبب ما ، ولكنّه على كلّ حال ليس من مصاديق البدعة المصطلحة.
يتّضح من البيان السابق انّ قسماً من أعمالنا وتصرفاتنا ـ الأعمّ من الجائزة