المستحدثة الدليل الداعم والمؤيّد لها من الكتاب والسنّة لا على نحو الخصوص ولا على نحو العموم ، ولذلك تعتبر ـ لهذا السبب ـ تصرّفاً في الدين وتجاوزاً على حدود الشريعة ، وأمّا إذا كانت الظاهرة المستحدثة تتوفر على السند الشرعي المؤيد لها فحينئذ لا يمكن اعتبارها تصرّفاً في الدين وبدعة في الإسلام ، بل تعتبر في حقيقة الأمر تجسيماً وتفعيلاً لأصل قد غفل عنه الآخرون في الوقت الذي التفت إليه صاحب النظرية المستحدثة.
وهذا الشرط المذكور أعلاه قد صرّح به في تعريف البدعة حيث قالوا : «البدعة ما أُحدث وليس له أصل في الشرع».
وعلى هذا الأساس يتّضح أنّ الكثير من الأُمور المستحدثة المعاصرة لا تُعدّ من مصاديق البدعة في الدين ، وإن نسبها إلى الدين ، وذلك لأنّ هذه الأنواع من الحداثة لها جذورها في الشريعة بنحو يمكن استنباط مشروعيتها من الكتاب والسنّة إمّا على نحو الخصوص ، أو نثبت مشروعيتها بصورة عامّة.
خذ على سبيل المثال الجيوش في البلاد الإسلامية عامّة وفي الجمهورية الإسلامية خاصة ، فإنّها مجهّزة بأحدث التجهيزات والمعدّات العسكرية الحديثة والمتطوّرة ، بنحو ترفع درجة القدرات القتالية للجندي المسلم إلى درجة عليا ، ومن الواضح أنّ هذه المعدّات وأُسلوب التدريب العسكري والنظام الذي يعتمد في الجيوش المذكورة ليست له سابقة مماثلة في الجيوش في صدر الإسلام وما تلاه من القرون الطويلة. ولكن ذلك التطوّر وهذا التحوّل يمكن أن نلمس له دليله الشرعي الداعم والمؤيّد له في كتاب الله المجيد حيث قال سبحانه :
(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ