٣. الإشاعة بين الناس
الشرط الثالث لتحقّق مفهوم البدعة وصدقها هو أن تكون هناك إشاعة ، ونشر للأمر المستحدث بين الناس ، وهذا الشرط وإن لم يؤخذ في تعاريف «البدعة» إلّا أنّه كامن في حقيقتها. وهناك الكثير من القرائن التي تدلّ عليه ، فعلى سبيل المثال قد وردت روايات كثيرة توجب الرد على البدع والمبتدعين ومواجهتهم والتصدّي لهم.
ولا شكّ انّ هذا الأمر يكشف عن رواج وانتشار البدعة وشيوعها من قبل أصحابها ونشرها في أوساط المسلمين.
روى مسلم في صحيحه عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أُجور من تبعه لا ينقص ذلك من أُجورهم شيئاً ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من يتبعه ، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً». (١)
إنّ هذه الرواية وأمثالها تحكي عن أنّ الظاهرة المستحدثة والتصرف في الدين في الزيادة أو النقيصة إذا كان لوحده وفي بيته ومنزله ولم يطّلع عليه أحدٌ من الناس بأن يزيد في صلاته أو ينقص منها أو ... ، فإنّ ذلك كلّه لا يُعدّ «بدعة» وإن كان معصية وحراماً ، نعم البدعة تتوقّف على إشاعة الفكرة الخاطئة والنظرية المبتدعة بين الناس وفي المجتمع ودعوتهم إليه بعنوان أنّه من الشرع.
__________________
(١) صحيح مسلم : ٨ / ٦٢ ، كتاب العلم.