ومع الالتفات إلى هذه الشروط الثلاثة للبدعة يتّضح لنا جانب مهم من جوانب «مفهوم البدعة».
تحريم البدعة في القرآن الكريم
كما ذكرنا انّ البدعة تعتبر تدخلاً في الشأن الربوبي وتجاوزاً على حدود الله في التقنين والتشريع ، وذلك لأنّ مهمة «التقنين» حق خاص به سبحانه ولا يتعدّى منه إلى غيره ، وانّ كلّ أنواع التدخّل في هذا الشأن يعتبر اعتداءً وانتهاكاً لحدوده سبحانه وتجاوزاً على حقّه تعالى. أضف إلى ذلك أنّ نسبة أيّ حكم أو تشريع أو قانون إلى الله تعالى من دون دليل وسند شرعي ، يعتبر «افتراءً» و «كذباً» على الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وبسبب وجود هاتين الخاصيّتين في البدعة نجد القرآن الكريم قد ذمّ البدعة والمبتدعين وردّ عليهم ، فعلى سبيل المثال نجده يردّ على المشركين في تقسيمهم النعم الإلهية إلى قسمين بعضها حلال وبعضها الآخر حرام ، ونسبوا ذلك إلى الله سبحانه بلا دليل فقال تعالى :
(آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ). (١)
وقال تعالى في آية أُخرى :
(وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ). (٢)
__________________
(١) يونس : ٥٩.
(٢) النحل : ١١٦.