إنّ ذم المبتدع في هذه الآية المباركة ينطلق من كون عمله تدخّلاً في التشريع والتقنين الإلهي ، وانّه افتراء على الله سبحانه ، حيث حرّموا وحلّلوا من عند أنفسهم ومن دون إذنه سبحانه ونسبوا كلّ ذلك إليه تعالى.
كما ذمّ القرآن الكريم اليهود والنصارى لتلاعبهم وتصرفهم في كتبهم السماوية وتحريفهم لكلام الله وأحكامه سبحانه ثمّ نسبة ذلك التصرّف كلّه والتغيير إلى الله سبحانه ليصلوا من خلال هذا الطريق المنحرف والمنهج الملتوي إلى تحقيق أهدافهم ومآربهم المادية والدنيوية ، قال تعالى :
(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ). (١)
البدعة في السنّة
لقد تصدّى الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته بقوّة لأصحاب البدع والمتلاعبين بأحكام الله وقوانينه ، واعتبروا عمل المبتدعين تصرّفاً مذموماً في الدين والشريعة ، وأنّ عملهم هذا يُعدّ ضلالاً وغواية لهم وللآخرين ممّن يتبعهم في بدعتهم وتحريفهم. ويجدر بنا هنا أن نشير إلى الرواية التي نقلها علماء المسلمين عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم والتي يكثر خطباء الجمعة افتتاح الخطبة بها ، وهي قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
«أمّا بعد فإنّ أصدق الحديث كتاب الله ، وأفضل الهُدى هدى محمد ،
__________________
(١) البقرة : ٧٩.