«أيّها الناس إنّما بدءُ وقوع الفتن أهواءٌ تتّبع ، وأحكام تبتدع يخالف فيها كتاب الله». (١)
ولقد حدثنا التاريخ الإسلامي بشواهد كثيرة من هذه البدع التي أُحدثت في الإسلام ، نكتفي بذكر نموذجين منها فقط ، هما :
١. من المعلوم أنّ أحد أقسام الحج هو حجّ التمتّع ، وهو وظيفة المسلم الذي يبعد موطنه عن مكة المكرمة ٤٨ ميلاً شرعيّاً أو أكثر ، وانّ وظيفة من يحجّ حجّ التمتّع أن يحل من إحرامه بعد أداء مناسك العمرة ، فتحل له محرّمات الحجّ جميعاً إلّا الصيد ، ثمّ يحرم مجدداً في اليوم التاسع من ذي الحجة بنية حجّ التمتع ويأتي بأعمال الحجّ المفروضة عليه.
وقد نقل لنا المؤرّخون المسلمون أنّ هذا الحكم الإلهي لم يرق لواحد من الصحابة في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إذ لم تطق نفسه أن يرى الحاج متنعماً باللذائذ الجنسية المحلّلة بين إحرامي المتعة وإحرام الحجّ ، وانّه كيف يحرم إلى الحج ورأسه يقطر من غسل الجنابة؟! ولذلك نجد الرجل حينما استلم دفة الأُمور وتصدّى للخلافة نهى المسلمين عن ذلك وحرّم عليهم متعة الحجّ. (٢)
قال القوشجي في أواخر مبحث الإمامة من شرح كتاب التجريد في علم الكلام : إنّ عمر قال وهو على المنبر : أيّها الناس! ثلاث كنّ على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنا أنهى عنهن وأُحرمهنّ وأُعاقب عليهنّ : متعة النساء ، ومتعة الحجّ ، وحيّ على خير العمل.
ومن الواضح أنّ هذا الموقف من الخليفة وهذا الأمر الصادر منه مخالفة
__________________
(١) الكافي : ١ / ٥٤ ، الحديث ١ ، باب البدع.
(٢) سنن أبي داود : ٢ / ١٥٦ ، رقم الحديث ١٧٨٩.