وهذه الواقعة تكشف شدّة التعصب المقيت الذي كان يهيمن على وفد الطائف ، الأمر الذي جعل الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم يندهش عند سماع هذه الشروط ويرفضها جملة وتفصيلاً.
ولو كان أهل الطائف قد أسلموا إسلاماً حقيقياً ، لكان ينبغي عليهم ألّا يتفوّهوا بهذه الشروط التافهة وأن يسلّموا لله ورسوله ويذعنوا إلى الحق ويرفضوا جميع أنواع الباطل ، لا السعي للحصول على اعتراف من الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم بأُمور ذميمة تنافي روح الإسلام وجوهره ومبادئه الحقّة ، وإذا أردنا أن نحلّل هذا الطلب من قبل وفد ثقيف وندرسه دراسة دقيقة ، لوجدنا وبوضوح تام أنّ عنصر العصبية الممقوت هو العامل الفاعل في الطلب المذكور وإن كانت هناك عوامل أُخرى غيره.
إلى هنا تمّ الحديث عن العلل والعوامل المساعدة على نشوء ظاهرة الابتداع في المجتمع ، وهناك عناصر وأسباب أُخرى لم نذكرها روماً للاختصار.
تحصين الدين من الابتداع
من مهام الفقهاء والمتكلّمين الأساسية مهمة تحصين الدين من خطر الابتداع وحماية حدود الشريعة من التلاعب فيها والتجاوز على حريمها من خلال دسّ الأفكار المسمومة والتي تؤطّر بأُطر جميلة ، وتغلّف بغلاف برّاق. فعلى الفقهاء والمتكلّمين أن يكونوا حذرين ويقظين أمام هذه المحاولات الخادعة ، ويتابعوا كلّ ما يصدر أو ينشر من كتاب أو رسالة أو مقالة أو خطاب أو ما شاكل ذلك للتصدّي لها ، وبيان زيفها ومخالفتها لمفاهيم وقيم الدين الإسلامي الحنيف. ليصونوا بذلك المجتمع الإسلامي عن الانحراف والانزلاق