الموجّه إلى النبي عن الوقوف على قبور المنافقين لغواً لا طائل فيه.
وعلى هذا الأساس ندرك أنّ الآية المباركة أرادت أن تهدم شخصية المنافق ، وأن تحرمه من الفيض الإلهي الوارد عن طريق دعاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم واستغفاره ، وأن يختص هذا اللطف وتلك الرحمة بالمؤمنين الصالحين ، فللرسول أن يقف على قبورهم في حال دفنهم أو بعد ذلك ، وأن يطلب من ربّه أن ينزل فيض رحمته وغفرانه على تلك الأرواح المؤمنة.
زيارة القبور في السنّة المطهّرة
بالإضافة إلى الروايات التي ذكرناها في مجال تحليل المفهوم الفلسفي والاجتماعي والتربوي للزيارة ، قام الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم بنفسه وبصورة عملية بزيارة القبور ، فقد حدّثنا التاريخ أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يزور قبور المؤمنين في البقيع ويدعو لهم ، وها نحن نذكر بعضاً من هذه الروايات في هذا المجال :
١. روى مسلم عن عائشة أنّها قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كلّما كان ليلتها من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يخرج آخر الليل إلى البقيع فيقول : «السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وأتاكم ما توعدون ، غداً مؤجّلون ، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون ، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد». (١)
٢. وعن عائشة في حديث طويل أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لها : «أتاني جبرئيل فقال : إنّ ربّك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم». قالت : قلت : كيف أقول لهم يا رسول الله؟ فقال : قولي : السلام على أهل الديار من المؤمنين
__________________
(١) صحيح مسلم : ٣ / ٦٣ ، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها ، من كتاب الجنائز.