التالي نفسه وهو : إذا كان ثواب الصلاة في هذه المساجد لا يزيد على الصلاة في المساجد الأُخرى المتوزعة في البلاد الإسلامية ، فلما ذا يقصد الحاج تلك المساجد للزيارة والصلاة فيها؟!
ثمّ إنّه إذا لم يكن قد ورد أمر من الشارع المقدّس بالتوجّه إلى تلك المساجد والصلاة فيها ألا يُعدّ ذلك «بدعة» يجب الاجتناب عنها؟
والجواب : في الحقيقة أنّ الهدف من السفر إلى هذه المساجد لا ينطلق من كون الشارع المقدّس قد أمر بالتوجّه إليها ، أو أنّ الصلاة فيها أكثر ثواباً من غيرها ، بل الهدف منه أحد أمرين ، هما :
١. إحياء ذكرى مسلمي صدر الإسلام الذين شيّدوا هذه المساجد في أحلك الظروف وأقساها ، وأسّسوها في الوقت الذي كانت معركة الأحزاب «الخندق» قائمة بين المسلمين والأحزاب ، بل أنّ بعض هذه المساجد بُني في مواقع النزال بين المسلمين وبين مشركي مكة من جهة وبينهم وبين اليهود من جهة أُخرى ، وفي تلك الظروف الحالكة التي تمكّن فيها المسلمون من قتل بطل جيش الأحزاب وقائدهم المشهور «عمرو بن عبد ود» على يد علي بن أبي طالب عليهالسلام الأمر الذي سجّل منعطفاً تاريخياً مهماً في القضاء على حكومة الشرك والطغيان واجتثاث جذور شجرة الشرك والوثنية.
ولا ريب أنّ الحضور في هذه المساجد يُعيد إلى الأذهان تلك المواقف البطولية المشرّفة والباسلة التي سطّرها رجال الإسلام وعلى رأسهم سيّد الوصيين عليهالسلام ، كما يعتبر ذلك تجديداً للعهد مع أُولئك الرجال العظام ومع مبادئهم السامية التي دافعوا عنها بكلّ قوّة وبذلوا من أجلها الغالي والنفيس.
٢. يمكن أن تكون الزيارة بقصد التبرّك بتلك البقاع المقدّسة التي أُريقت