والدعوة ، شدّ الرحال مهاجراً إلى المدينة المنوّرة حيث قضى فيها عشر سنين من عمره المبارك جاهد خلالها المشركين وعبدة الأوثان ، وقدّم خلال هذه النهضة والحركة خيرة القرابين ، وسفكت في سبيل إعلاء كلمة التوحيد أزكى الدماء حتى تمكّن في النهاية أن ينشر راية الإسلام خفاقة على ربوع الجزيرة العربية ، وفي السنة الحادية عشرة التحق بالرفيق الأعلى ملبّياً نداء ربّه ، إلّا أنّ برحيله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم تسقط راية الإسلام ، بل استمرت خفاقة وانتشرت الرسالة الإسلامية خارج الجزيرة العربية في شتّى بلاد العالم.
إنّ الآثار التي تتعلّق بحياة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وجهاده هو وأهل بيته وأصحابه الميامين تمثّل اللبنة الأساسية للحضارة الإسلامية ، ولا بدّ أن ينظر إليها بأنّها رمز الأصالة الإسلامية ، التي ينبغي بذل الجهود في الحفاظ عليها وصيانتها من كلّ خطر يحيق بها.
قبور الصالحين رمز أصالة التاريخ الإسلامي
ينبغي التنبيه إلى نقطة جديرة بالاهتمام وهي : انّ كلّ واقعة أو أي حادثة من الحوادث تُعدّ في الأيام الأُولى لوقوعها من الحقائق القطعية لدى المعاصرين لها ، ولكنّها مع مرور الزمن وتعاقب الأجيال تفقد تلك الواقعة قطعيتها ، بصورة تدريجيّة بنحو يلقي الشك والترديد ظلاله عليها إلى درجة قد تصل الحالة إلى أن تعتبر أُسطورة خيالية في نظر بعض الأجيال.
ولا شكّ انّ الحوادث والوقائع التاريخية غير مستثناة من هذه الحالة ، فبالرغم من قطعيتها ووضوحها في الأيام الأُولى ، ولكنّها قد تصل إذا أُهملت ولم تلق عناية خاصة إلى أن تصبح أُسطورة تاريخية في نظر الأجيال القادمة.