فهذه الدار التي ولد فيها ، وهذا مسجده ، وهذا البيت الذي دفن فيه ، وهذه بيوت زوجاته ، وهذا غار حراء الذي كان يتعبّد به والذي هبط الوحي عليه فيه وهو في سن الأربعين من عمره الشريف ، ومنه بدأت حركة الرسالة الإسلامية ، ف فآمنت به طائفة وكفرت أُخرى ، وقد واجه في طريق الدعوة أشدّ المصاعب في مكة ممّا اضطره للهجرة إلى المدينة ، وفي طريق هجرته لجأ إلى «غار ثور» في جنوب مكة ، وبعد أن أمن الطلب توجّه صوب المدينة مهاجراً ليستقبله الأوس والخزرج ، ويؤسّس هناك نواة الحكومة الإسلامية الجديدة.
وقد خاض صلىاللهعليهوآلهوسلم في تلك الفترة من حياته الشريفة معارك ضارية مع المشركين واليهود ، قدّم خلالها قافلة من الشهداء في بدر وأُحد وخيبر وحنين ، كما قام صلىاللهعليهوآلهوسلم بإرسال المبلّغين إلى سائر أراضي الجزيرة العربية داعين الناس إلى التوحيد ونبذ الشرك والوثنية ، وبعد أن أتمّ رسالته وأدّى مهمته على أحسن وجه ، لبّى نداء ربّه في السنة الحادية عشرة من هجرته الشريفة ، وقد استلم الراية التي رفعها أهل بيته وأنصاره وأصحابه ، وساروا على النهج الذي سار عليه ونشروا مفاهيم القرآن وقيمه في أرجاء المعمورة.
والآن ، إذا قضينا على هذه الآثار ، فقد قضينا على معالم وجوده صلىاللهعليهوآلهوسلم ودلائل أصالته وحقيقته ، ومهّدنا السبيل لأعداء الإسلام ليقولوا ما يريدون.
إنّ هدم آثار النبوة وآثار أهل بيت العصمة والطهارة لا يُعد إساءة إليهم عليهمالسلام وهتكاً لحرمتهم فقط ، بل هو إعداء سافر على أصالة نبوّة خاتم الأنبياء ومعالم دينه القويم. إنّ رسالة الإسلام رسالة خالدة أبدية وسوف يبقى الإسلام ديناً للبشرية جمعاء إلى يوم القيامة ، ولا بدّ للأجيال القادمة ـ على طول الزمن ـ أن