اتجاهها ، فأقرّوا خدمتها والمشرفين عليها على ما هم عليه ، وأوصوهم بالحفاظ عليها وصيانتها ، فلو كان البناء على قبور الأنبياء والأولياء حراماً ومنافياً للتوحيد وشركاً به سبحانه لسعى المسلمون الفاتحون ـ وبأمر من الخلفاء ـ لتخريبها وإزالتها من الوجود ولم يتركوا لها أثراً يذكر ، والحال أنّنا نجد المسلمين لم يتعرّضوا لها ولو بأدنى تعرّض أو تصرّف ، فأبقوها كما هي عليه من دون أيّ تغيير. ولقد بقيت تلك القباب الشاهقة والمنائر المزيّنة عامرة إلى هذه اللحظة حيث تحظى باهتمام خاص وعناية فائقة من الموحّدين في جميع أقطار العالم.
أضف إلى ذلك : أنّ المسلمين قد واروا الجسد الطاهر للرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم في بيته المسقف ولم يخطر ببال واحد من الصحابة الكرام أنّ البناء على القبر أمرٌ محرم ينبغي الاجتناب عنه والتصدّي له! بل نجد سيرتهم قائمة على الاعتناء بتلك الحجرة الشريفة بشتّى الأساليب والطرق.
ثمّ إنّ كتب التاريخ والرحلات التي قام بها بعض علماء المسلمين والتي دوّنوا فيها مشاهداتهم ، نقلت لنا صورة بهيّة لمئات المراقد والأضرحة المجلّلة الموزعة في أرض الوحي وباقي البلاد الإسلامية ، نكتفي بذكر بعض تلك المشاهدات ، لأنّ ذكر الجميع يحتاج إلى تصنيف مفرد.
١. كلمة المسعودي في حقّ قبور أئمّة أهل البيت عليهمالسلام
هذا هو المسعودي الذي توفّي عام (٣٤٥ ه ـ) ، وقد أدرك خير القرون كما يقولون ، وولد في أواخره ـ إذا كان خير القرون هو القرون الثلاثة الأُولى ـ يقول :
وعلى قبورهم في هذا الموضع من البقيع رخامة مكتوب عليها : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله مبيد الأُمم ومحيي الرمم ، هذا قبر فاطمة بنت رسول