هذه القباب والأبنية الرفيعة شُيّدت من قبل قرون تتصل إلى عصر الصحابة والتابعين.
ولم يكن يومذاك أيّ معترض على بنائها فوق قبور هؤلاء ، ولم يدر بخلد أحد أنّ هذه القباب والأبنية ستبعدنا عن التوحيد ، بل كانوا يتبرّكون بهذا العمل ويبدون ما في مشاعرهم من ودّ وحبّ لأصحابها.
وكان التبرّك والتقبيل سنّة رائجة بين المسلمين ، وهم لم يكونوا يقبّلون باباً ويتبرّكون بجدار ، بل يتبرّكون بمن حوتهم ، على حدّ قول مجنون بني عامر :
أمرُّ على الديار ديار ليلى |
|
أقبّل ذا الجدار وذا الجدارا |
وما حبّ الديار شغفن قلبي |
|
ولكن حبّ من سكن الديارا |
وفيما يلي نشير بشكل مقتضب إلى مجمل كلامه.
مشهد رأس الحسين بالقاهرة
يقول ابن جبير في ذكر مصر والقاهرة وبعض آثارها العجيبة : فأوّل ما نبدأ بذكره منها الآثار والمشاهد المباركة التي ببركتها يمسكها الله عزوجل ، فمن ذلك المشهد العظيم الشأن الذي بمدينة القاهرة حيث رأس الحسين بن علي بن أبي طالب ، رضياللهعنهما ، وهو في تابوت فضة مدفون تحت الأرض ، قد بُني عليه بنيان جميل يقصر الوصف عنه ، ولا يحيط الإدراك به ....
إلى أن يقول : ومن أعجب ما شاهدناه في دخولنا إلى هذا المسجد المبارك حجر موضوع في الجدار الذي يستقبله الداخل ، شديد السواد والبصيص ، يصف الأشخاص كلّها ، كأنّه المرآة الهندية الحديثة الصقل.
وشاهدنا من استلام الناس للقبر المبارك ، وإحداقهم به ، وانكبابهم عليه ،