وتمسّحهم بالكسوة التي عليه ، وطوافهم حوله ، مزدحمين داعين باكين متوسّلين إلى الله سبحانه وتعالى ببركة التربة المقدّسة ، ومتضرّعين ما يذيب الأكباد ويصدع الجماد ، والأمر فيه أعظم ، ومرأى الحال أهول ، نفعنا الله ببركة ذلك المشهد الكريم. (١)
القباب الرفيعة لأهل البيت في مكة المكرمة
وعن مشاهد مكة المكرمة يقول ابن جبير : فمن مشاهدها التي عايناها قبّة الوحي ، وهي في دار خديجة أُمّ المؤمنين رضياللهعنها ، وبها كان ابتناء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بها ، وقبة صغيرة أيضاً في الدار المذكورة ، فيها كان مولد فاطمة الزهراء رضياللهعنها ، وفيها أيضاً وَلَدَتْ سيدي شباب أهل الجنة ، الحسن والحسين رضياللهعنهما ، وهذه المواضع المقدّسة المذكورة مغلقة مصونة قد بنيت بناء يليق بمثلها.
ومن مشاهدها الكريمة أيضاً مولد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والتربة الطاهرة التي هي أوّل تربة مسّت جسمه الطاهر بُني عليها مسجد لم يُر أحفل بناءً منه ، أكثره ذهب منزّل به ، والموضع المقدّس الذي سقط فيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ساعة الولادة السعيدة المباركة التي جعلها الله رحمة للأُمّة أجمعين محفوف بالفضة.
ثمّ يعد بعض المشاهد فيقول : دار الخيزران ، وهي الدار التي كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يعبد الله فيها سراً مع الطائفة الكريمة المبادرة للإسلام من أصحابه رضياللهعنهم. (٢)
ولو أردنا استعراض كلّ ما ذكره ابن جبير في رحلته حول مقامات ومشاهد
__________________
(١) رحلة ابن جبير : ١٨ ـ ١٩.
(٢) رحلة ابن جبير : ٨١ ـ ٨٢.