مدّعاهم عشرة براهين عقلية. ولكنّنا سنكتفي هنا بذكر البعض من هذه الأدلّة التي تتّصف بالشمولية والوضوح والاشتمال على الخصوصية التجريبية.
١. الشخصية الإنسانية المعبّر عنها بال ـ «أنا»
كلّ إنسان على وجه المعمورة ينسب أفعاله وما يصدر منه من حركات وسكنات وانفعالات إلى موجود يُعبر عنه بال ـ «أنا» ، ويقول : «أنا فعلت» ، «أنا كتبت» ، «أنا رأيت» ، «أنا سافرت» وغير ذلك ، ولم يكتف الإنسان بذلك ، بل تراه ينسب أعضاء جسمه إلى ذلك الموجود الذي يقع وراء المادة فيقول : «رأسي» و «قلبي» و «يدي» و «فكري» وغير ذلك.
بل يتجاوز إلى أكثر من ذلك فينسب نفس البدن بأكمله إلى ذلك الشيء غير المادي ، فيقول : «بدني».
ومن هنا يطرح السؤال التالي نفسه : ما هذا المضاف إليه في جميع هذه الانتسابات من انتساب الأفعال والأعضاء والبدن بأكمله؟
وللإجابة عن هذا التساؤل المطروح نقول : إنّ كلّ قضية تتركّب من موضوع ومحمول ، فبداهة العقل تحكم بأنّ لهذه المحمولات موضوعاً ، وإن لم يكن مرئياً ، إلّا أنّنا ندركه من خلال تلك المحمولات ، فالأفعال البشرية رغم صدورها من أعضاء مختلفة ، كالإبصار بالعين ، والرفع باليد ، والمشي بالرجل و ... ، إلّا أنّ الإنسان ينسبها جميعاً إلى مصدر واحد ، هو ال ـ «أنا» فيقول : «أنا شاهدت» و «أنا سمعت» و ....
من هنا ندرك انّ هذه المحمولات تتطلّب موضوعاً واحداً لنفسها ، حتّى لا تكون تلك القضايا مجرّد انتسابات بلا موضوع ، وعندئذ يكون هذا الموضوع