الواحد هو الشخصية الواقعية للإنسان والتي يُعبر عنها «بروحه ونفسه».
٢. ثبات الشخصية الإنسانية في دوّامة التغيّرات المادية
الشاهد الثاني والدليل الآخر على وجود الروح واستقلاليتها عن النظام المادّي ، هو : انّ الإنسان يشعر ـ وفي خضمّ التغيّرات والتحوّلات المادية التي تطرأ على جسمه خلال مسيرته المادية ـ انّ هناك وجوداً باقياً لم يتغيّر ولم يتحوّل بالرغم من كلّ تلك التحوّلات التي طرأت على جسمه.
وبعبارة أُخرى : انّ الإنسان يمرّ في مسيرة حياته الطويلة بمراحل متعدّدة بدءاً بمرحلة الطفولة ، ثمّ الصبا ، والشباب ، والكهولة والشيخوخة ، ولكنّه مع ذلك كلّه يدرك أنّ هناك شيئاً ثابتاً وباقياً وراء ذلك كلّه لم يتغير بالرغم من جميع تلك التحوّلات ، فينسب إليه التحوّلات المذكورة والمراحل المتعدّدة فيقول : أنا حينما كنت طفلاً ، وأنا حينما كنت يافعاً ، وأنا حينما كنت شاباً ، وهكذا. فيدرك انّ هناك حقيقة ثابتة وباقية رغم التحوّلات والأطوار المتعدّدة التي مرّ بها الجسم.
فلو كانت حقيقة الإنسان تكمن في وجوده المادّي المتمثّل في الجسم ، فمن المستحيل حينئذ الوصول إلى إدراك حقيقة الإنسان في إطار تلك التحوّلات والتغيّرات ، وذلك لأنّ البدن عرضة للتحوّلات المتكرّرة والمتغيّرة ، فلا بدّ حينئذ من البحث عن حقيقة الإنسان وراء ذلك العنصر المادّي المتحوّل ، ولا شكّ انّ الإنسان يدرك بوجدانه انّ هناك شيئاً وراء المادّة لم يتغيّر ولم يتحوّل ، وقد انطلق معه في جميع تلك المراحل المتعدّدة ، وهذا الوجود هو الذي يشكّل حقيقته وتكمن فيه ذاته.
وإذا أردنا أن نصيغ ذلك الدليل بصياغة برهانية منطقية نقول :