١. يدرك الإنسان انّ له وجوداً ثابتاً في خضم التحوّلات والتغيّرات يطلق عليه مصطلح ال ـ «أنا».
٢. انّ العنصر المادي للإنسان عرضة للتحوّلات والتقلّبات عبر السنين والأيام ، وانّ جميع خلاياه في تحوّل وتبدّل دائمين بنحو يستبدل الإنسان جميع خلاياه كلّ ثمان سنين ، كما أثبتت ذلك النظريات العلمية.
النتيجة : انّ «الأنا» لا تمثّل القسم المادي من وجود الإنسان أبداً ، وانّما تحمل هوية غير مادية ووجوداً مستقلاً ، وذلك لأنّه إذا كانت حقيقة الإنسان كامنة في عنصري المادة والطاقة ، فلا يمكن حينئذ أن تكون للإنسان شخصية ثابتة وحقيقة باقية ، وذلك لأنّ عنصري المادة والطاقة في تحوّل وتغيّر دائمين ، فلا يحق لأيّ محكمة في العالم أن تقاضي إنساناً في سن الأربعين على جرم قد اقترفه وهو في سن العشرين ، لأنّ الشخصية التي اقترفت الجريمة وارتكبت الجرم قد اندثرت وانتهت بالكامل ، وهو الآن يعيش بشخصية أُخرى ، هي شخصية الإنسان في سن الأربعين. والحال انّ الجميع يدركون بالوجدان انّ هناك شيئاً ثابتاً هو الذي توجّه إليه نسبة الجريمة واقتراف المخالفة ، سواءً كان في العشرين من العمر ، أو الأربعين أو المائة ، وهذا الشيء هو الذي يمثّل الحقيقة الثابتة والأمر الواقعي للإنسان والذي يعبّر عنه بالروح.
٣. علم الإنسان بنفسه مع غفلته عن بدنه
أقام الفيلسوف الإسلامي الكبير ابن سينا برهاناً على هذه القضية نأتي به مع التصرّف في العبارة بنحو ينسجم مع أُسلوب هذا الكتاب ، والبرهان يقوم على الفكرة التالية : لنفرض إنساناً ما يعيش في حديقة غنّاء وفضاء طلق لا يشعر فيه