ثمّ إنّ بقاء الروح بعد الموت من الحقائق الفلسفية والعلمية التي أثبتها كبار فلاسفة اليونان ، أمثال سقراط وأفلاطون وأرسطو ، وابن سينا وشيخ الإشراق وصدر المتألّهين من الفلاسفة الإسلاميين ، حيث أقاموا عليها البراهين الفلسفية الدقيقة والأدلّة العقلية المحكمة. وأخيراً وصلت القضية إلى مستوى الحقيقة العلمية بفضل سلسلة من التجارب والجهود العلمية التي قام بها العلماء الغربيون وعلى مدى أعوام طويلة من البحث والمتابعة.
نعم ، لقد أصابت العالم في القرن التاسع عشر حُمّى النظرية المادية التي أنكرت قضايا ما وراء الطبيعة من قبيل : الله ، الملائكة ، الروح المجرّدة ، وغيرها من العوالم الغيبية ، إلّا أنّه ومع إطلالة القرن العشرين وخاصة النصف الثاني منه عادت عجلة الحركة الفكرية إلى مجراها الطبيعي بصورة ما ، بسبب الجهود والمساعي المشكورة التي بذلها الإلهيّون حيث فتحوا أمام العالم نافذة تطل على عالم ما وراء الطبيعة ، أثبتوا من خلالها أصالة الروح وبقاءها بعد الموت ، وهذا ما تمّت الإشارة إليه حينما تعرضنا للبحث عن الأصل الأوّل.
وفي هذا الأصل نحاول السير مع آيات الذكر الحكيم ، لنتعرف على الرؤية القرآنية لمسألة الموت ، وكذلك نحاول اقتناص موقف السنّة النبوية الشريفة وسيرة أئمّة أهل البيت عليهمالسلام أيضاً.
القرآن الكريم وبقاء الروح
بما أنّ مستندنا في هذا الأصل سيكون آيات الذكر الحكيم والروايات الصادرة عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته عليهمالسلام ، فلا بدّ من استقراء تلك الآيات والروايات ولو بصورة مختصرة ، لبيان موقفها من تجرّد الروح وبقائها بعد الموت.