ومن حسن الحظ انّ هناك الكثير من آيات الذكر الحكيم التي دلّت وبصراحة على استمرار الحياة الإنسانية بعد الموت ، وبما أنّ تلك الآيات من الكثرة بحيث لا يتسنّى نقلها جميعاً مع ذكر التفاسير الواردة فيها ، ضمن هذا الكتاب ، من هنا نكتفي بذكر نماذج منها :
١. الشهداء أحياء عند ربّهم يرزقون
لقد ورد العديد من آيات الذكر الحكيم التي تؤكّد على أنّ شهداء طريق الحقّ أحياء عند ربّهم يرزقون ، نكتفي بذكر ثلاثة موارد منها :
الف : قوله تعالى : (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ). (١)
قد يتصوّر البعض أنّ الآية المباركة تشير إلى انّ المراد من حياة شهداء الفضيلة وطريق الحق ، هو حياتهم وخلودهم الاجتماعي ، باعتبار انّ هذه الطائفة المضحّية والتي قد أقدمت على بذل نفوسها في سبيل العقيدة والمبدأ ، خالدة وحاضرة دائماً في ضمير الأُمّة وفي فكرها ووعيها وفي قلوب المؤمنين ، وانّ تضحياتهم قد رسخت في ذهن الأُمّة بنحو لا يتسنّى لها محو تلك البطولات الرائعة والتضحيات العظيمة ، بل انّ الأُمّة قد خطّت مواقفهم بماء الذهب على صفحات تاريخها بحيث أصبحوا يمثّلون عنصراً مهماً ورافداً أساسياً من روافد تاريخها الذي تفتخر به.
ولكن التأمّل في نفس الآية المباركة يثبت ضعف هذه النظرية ووهن هذه
__________________
(١) البقرة : ١٥٤.