وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ). (١)
ومن يمعن النظر في الآية المباركة يجدها تتألّف من شقين أو قسمين ، أو أنّها تشير إلى مرحلتين :
المرحلة الأُولى : عرض آل فرعون غدواً وعشياً على النار.
الثانية : قيام الساعة وإدخال آل فرعون أشدّ العذاب.
يتّضح وبجلاء من هذين المقطعين أو من خلال هذين المرحلتين انّ المرحلة الأُولى ناظرة إلى الحياة البرزخية التي يعيشها آل فرعون ، والتي يعرضون فيها على النار غدواً وعشياً ، وستستمر هذه المرحلة إلى قيام الساعة ، ولو لا قوله : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ) ، لما اتّضح لنا هذا المعنى الذي ذكرناه من الآية المباركة.
٤. قصة أُمّة النبي نوح عليهالسلام بعد غرقهم ودخولهم النار
قال تعالى مشيراً إلى عاقبة قوم نوح عليهالسلام : (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً). (٢)
ذهب البعض من المفسّرين إلى تفسير الجملة الثانية بنار الآخرة ، لأنّها وردت بصيغة الماضي فقال : (فَأُدْخِلُوا ناراً) بصيغة الماضي لكون تحقّقه قطعياً. (٣)
ولكن هذا التأويل ـ بالإضافة إلى عدم وجود شاهد يعضده ـ مخالف لظاهر الآية المباركة ، لأنّ ظاهرها أنّ دخولهم النار كان ملاصقاً لغرقهم ومتصلاً به من دون أن تتخلّل بين الأمرين (الإغراق والدخول) فاصلة زمنية طويلة ، وذلك
__________________
(١) غافر : ٤٦.
(٢) نوح : ٢٥.
(٣) مجمع البيان : ٥ / ٣٦٤.