عنها ، وأثبتت بما لا شكّ ولا ريب فيه وجود الصلة بين الحياتين ، وانّ الذين عبروا قنطرة الموت لا زالت صلة البعض منهم ـ على أقلّ تقدير ـ باقية مع الحياة الدنيا ، وها نحن نشير إلى بعض النماذج من تلك الآيات لتنجلي حقيقة الأمر وتتّضح الحقيقة لمن يرومها.
١. النبي صالح عليهالسلام يكلّم قومه بعد هلاكهم
من الآيات التي تؤكّد وجود الصلة بين الحياتين مجموعة الآيات التي وردت في قصة النبي صالح عليهالسلام حيث أكّد القرآن الكريم أنّه عليهالسلام دعا قومه إلى عبادة الله وترك التعرّض لمعجزته «الناقة» بسوء ، ولكنّهم عقروها وعتوا عن أمر ربّهم ، وقد جاء بيان القصة في الآيات الثلاث التالية :
قوله تعالى : (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ).
وقوله تعالى : (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ).
وقوله تعالى : (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ). (١)
وإذا أمعنا النظر في الآيات الثلاث نجد :
إنّ الآية الأُولى أشارت إلى أنّ قوم صالح عليهالسلام طلبوا العذاب الإلهي الذي وعدهم به النبي صالح عليهالسلام.
وأمّا الآية الثانية فتؤكّد نزول ذلك العذاب عليهم (فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ
__________________
(١) الأعراف : ٧٧ ـ ٧٩.